الاتهام بالطائفية قد يعزز فتنة الطائفية!

TT

صرخات الاستغاثة التي يطلقها أهل السنة في العراق يجب الاستجابة لها والإسراع في نجدتها، ليس رغبة في إنقاذ السنة من قتل واعتداءات وتهجير وتفجير فحسب، وإنما رغبة صادقة في إنقاذ السفينة العراقية التي تترنح هذه الأيام تحت وطأة ضربات الصراع الطائفي البغيض، وبلغة أكثر صراحة فإن حل معضلة السنة في العراق سيستفيد منه عموم الشيعة وكل الطوائف في العراق بل ويجنب دول المنطقة من الانزلاق في أتون فتن طائفية داخلية وخارجية.

المشكل أن الفتنة الطائفية التي انبعثت سحب دخانها القذرة من العراق، بدأت تخنق المجتمعات العربية حولها، والكل الآن يضع يديه على قلبه من حريق لا سمح الله لا يبقي ولا يذر، والمشكل أيضا أن الناس قادة وعلماء ومفكرين تهمس بالحلول العملية الصريحة في المجالس والمنتديات الخاصة، وتتكلم بكل تلقائية، لكن لا أحد يجرؤ أن يتحدث بكل شفافية وصراحة، لأن سيف التهمة بالطائفية مسلط للإجهاز على كل صوت صادق، يريد أن ينقذ الجميع وكل الطوائف والاتجاهات من هاوية مهلكة للجميع.

يا سادة سيكون الأمر أقل تعقيدا لو أن الإشكال الطائفي في العراق توقف على اعتداءات فردية من متطرف من هذه الفئة أو تلك كما حصل في بعض الاعتداءات الطائفية المحدودة في باكستان التي طالت حسينيات شيعية ومساجد سنية وقتل فيها العشرات من الطرفين، حيث لم تجد المؤسسات الباكستانية الرسمية والشعبية صعوبة في أن تحتوي المشكلة مع بدايتها وتئد الفتنة في مهدها بمساعدة من زعامات الطائفتين لكن الذي يحصل في العراق مختلف تماما.

فمع أن الكل في العراق سنة وشيعة يتعرضون لاعتداءات طائفية كما ترصد الأحداث، إلا أن السنة في العراق وبلغة الأرقام والحقائق الفئة الأكثر تعرضا لاعتدات منظمة تورطت فيها مؤسسات تابعة للحكومة العراقية أو أحزاب معروفة أو وميليشيات دموية تتبع لمرجعيات مشهورة أو تنتمي لقادة لها أتباع في البرلمان العراقي المنتخب، هذا ناهيك عن المخططات الإيرانية في العراق والتي أزكمت فضائحها الأنوف!!

إن هذه الاعتداءات الطائفية والجرائم التي ترتكب ضد الأحياء السنية إنما تجري أحداثها في بعض الأحيان على مرأى من أفراد الشرطة العراقية ، بل إن تهجير العائلات السنية الذي تمارسه المليشيات الدموية في بعض المدن العراقية يجري أيضا بمباركة من الأمن العراقي أو في أقل الأحوال يغض الطرف عنها، هذه الظروف الاسثنائية يحتم على الجميع تجاوز عبارات المجاملة وأسلوب الحيادية المفبرك في تحليل الأحداث إلى المصارحة وإن كانت مؤلمة، ولعلكم لاحظتم أن عددا من دول المنطقة وبعض المرجعيات العلمية السنية وعموم السنة في المنطقة كلها وخارجها صاروا يتجاوزون أسلوب المجاملة المائع الهلامي إلى لغة أكثر جرأة وصراحة فصارت تبدي قلقها الشديد من الأوضاع المأساوية التي آل إليها السنة في العراق بعد أن كانت تتحرج من المصارحة خشية من اتهامها بالطائفية.

هذه الجرائم المنظمة ضد السنة العراقييين بالإضافة إلى الدور الإيراني المريب ومخطط الهلال الشيعي في المنطقة الذي ينفذ حزب الله هذه الأيام فصلا مهما من فصوله هي أيضا التي جعلت عددا من الأصوات السنية المعتدلة والمعروف عنها تواصلها مع التيارات الشيعية وفتح قنوات التحاور والتعاون معها مثل الشيخ يوسف القرضاوي وغيره من العلماء والمفكرين والكتاب صاروا هم أيضا من يحذر من مغبة السكوت عن هذه المخططات والجرائم التي ترتكب بحق السنة في العراق، لأن هذه الاعتداءات المنظمة تجاوزت الخطوط الحمراء، ولم يعد من المقبول تحت وطأة التهمة بالطائفية السكوت عما يجري لأهل السنة في العراق لأن مثل هذه الضغط والصراحة في التحذير يجعل الأطراف الشيعية الرسمية أو الشعبية أو الميليشياتية التي انزلقت في أتون التطهير الطائفي ترتدع عن جرائمها وتحسب لردود السنة بقياداتها السياسية العالمية والعلمية والفكرية ألف حساب، هذا الردع سيستفيد منه العراق كل العراق.

[email protected]