المحاصيل المعدلة وراثيا: مطلوب تسوية ترضي المؤيدين والمعارضين

TT

سواء كنت من مجندي الاغذية المعدلة وراثيا ام لا، مثلك مثل الملايين من البشر الذين يناقشون هذه المسألة يوميا ولا يصلون في معظم الاحيان الى نتيجة، فإن الابحاث متواصلة ومستمرة من دون انقطاع.

وثمة مختبرات عديدة في الولايات المتحدة واوروبا تجري فيها اختبارات وابحاث متطورة لعل اهمها مختبر مونساتو في مدينة سانت لويس في ولاية ميسوري الاميركية.

في هذا المختبر تقوم اجهزة الروبوت بعلاج آلاف النباتات وتصنيفها واستخلاص بصماتها الوراثية وتحليلها مختبريا قبل توفير المعلومات حولها للعلماء.

الكثير من هذه الابحاث قد لا يسفر عن شيء، لكن عندما يثمر احدها فإن الناتج يكون من الاهمية بحيث لا يمكن تجاهل آثارها ونتائجها. فثمة جينات تعمل كمبيدات للحشرات والطفيليات يمكن زراعتها في النباتات التي لا تحتويها لإعطائها هذه الصفة والتخلي عن مبيدات الحشرات الكيماوية والعضوية المطروحة في الاسواق. وعلى هذا المنوال يمكن الاستشهاد بآلاف الابحاث الأخرى المفيدة للبشرية وإطعام الأفواه الجائعة منها. على سبيل المثال ايضا حبوب الذرة المعدلة التي تعالج العديد من اعراض القلب.

ان التوصل الى مثل هذه النتائج ليس بالأمر الهين، اذ يحتاج البحث الواحد الى عشرات الملايين من الدولارات وعشرات السنوات من الجهود المستمرة قبل ان يتبلور الى نتائج ملموسة. ولكن اذا استطاع الباحثون الآن تطوير انواع من البطاطس والذرة والقطن التي تتمكن من انتاج مبيداتها الحشرية بنفسها، فإنهم قادرون في المستقبل القريب على زراعة اشكال غريبة ومتطورة جدا من المحاصيل المعدلة وراثيا التي تملك من المزايا والصفات ما يقنع المعارضين لهذه الابحاث بالتخلي عن معارضتهم في سبيل خير الانسانية. لكن هذا لا يعني ان المحاصيل المعدلة وراثيا تخلو من الخطر على الصحة العامة للانسان، وعلى البيئة، والحيوان والنبات ايضا، لأن معظمها يحمل في طياته العديد من الامور غير الثابتة التي لم يُتأكد من نتائجها بعد. من هنا جاءت معارضة العديد من العلماء البارزين المصرين على ايقاف مثل هذه الابحاث فورا رغم ما تحمله من وعود كثيرة. لذلك فإن الحل الوحيد هو الوصول الى نوع من التسوية بين الطرفين لتعديل، وراثيا، ما هو ضروري واساسي للبشرية، واهمال الباقي، مع اتخاذ اقصى درجات الحيطة والحذر قبل انتاج «فرانكشتين نباتي» الذي قد ينتشر ويتكاثر بشكل لا يمكن السيطرة عليه.

ومع ذلك، هناك الصورة الأخرى الموجودة في انواع جديدة من القمح تستطيع القضاء ذاتيا على الاعشاب الضارة في الحقول من دون الحاجة الى الاستعانة بالمبيدات. ثم هناك الارز الذهبي الذي طور في اوروبا بمذاقه الشهي، وغناه بـ«البيتاكاروتين» الذي يتحول في الجسم الى فيتامين A. جاء ذلك بعدما قدرت منظمة الصحة العالمية ان هناك 124 مليون طفل في العالم الفقير يعانون من سوء التغذية ونقص هذا الفيتامين الذي يؤثر على نعمة البصر.

من هنا القرار الصعب الذي يواجه الباحثين والعلماء، وهو مسألة لن تُحسم في القريب العاجل بكل تأكيد.