جندي مع العرب!

TT

الذين يعرفون الموفد الاميركي الجديد إلى ازمة الشرق الأوسط، وليام بيرنز، وقد كان سفيرا لبلاده في الأردن، لا بد أنهم فرحوا لهذا التعيين، فالرجل محترم شكلا ومضمونا، وهو يعرف المزاج العربي كما يعرف كف يده، وهو أيضاً يدرك حقيقة معاناة الشعب الفلسطيني، كما يدرك حقيقة ما تعاني منه المنطقة، ولعل ما ساعده على ذلك خدمته الطويلة نسبيا في هذه المنطقة ومعرفته الى أقل من الاتقان بقليل باللغة العربية.

كل السياسيين الأردنيين يعرفون وليام بيرنز عن قرب وكل قادة الاحزاب الأردنية، بما في ذلك احزاب المعارضة، التقوه مرات، ثم وبالاضافة الى ذلك هو صديق الصحافيين ومؤازر هيئات وتنظيمات المجتمع المدني ويتميز بحيويته المتواصلة وبحماسه الشديد لانجاح عملية التحول نحو الديمقراطية.

لدى وليام بيرنز اطلالة معقولة على الثقافة العربية، ومعرفته بشؤون المنطقة وشجونها وعشائرها وقبائلها وعائلاتها لا تقتصر على الأردن بل ان هذه المعرفة تشمل سورية ولبنان ودول الجوار الأخرى ومن بينها العراق «بالتأكيد» ومصر والعربية السعودية ومعظم الدول الخليجية.

من السهل القول ان وليام بيرنز يحب العرب ويتعاطف مع قضاياهم وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لكن من الصعب القول انه يكره الاسرائيليين مع انه لا يتوانى عن انتقاد بعض تصرفاتهم ومواقفهم، فالرجل موظف أميركي، ويجب ان ننظر اليه ونتعامل معه على اساس ان اخلاصه الأول والأخير لبلده وتنفيذ سياساتها في هذه المنطقة وهذا هو المطلوب ولا أكثر منه.

لا نتوقع ان ينحاز وليام بيرنز للعرب، فهذا أمر غير متوقع وغير ممكن وكل ما نريده هو عدم الانحياز لاسرائيل، فلقد عانينا بما فيه الكفاية من انحياز دنيس روس وباقي «حاخامات» الخارجية الاميركية في العهد السابق الى الاسرائيليين حتى على حساب مصالح الولايات المتحدة ومكانتها في المنطقة.

لقد ذاق الفلسطينيون الأمرين في عهد الادارة الاميركية السابقة، فالوسطاء، دنيس روس ومارتن انديك ومادلين أولبرايت، وباقي مجموعة «الحاخامات» هم الخصوم الحقيقيون، ولذلك فقد وصلت عملية السلام الى ما وصلت اليه وانتهت ثمانية أعوام الى هذه النتائج المأساوية.

وليام بيرنز شفاف وذو خبرة واسعة بشؤون المنطقة ويعرف القضية الفلسطينية معرفة جيدة، وهو يتعاطف مع مأساة الشعب الفلسطيني، لكنه ليس جنديا مع العرب، إنه جندي أميركي، اخلاصه الأول والاخير لبلده، والفرق بينه وبين دنيس روس ان المتوقع انه سيغلب مصلحة بلده على مصالح الآخرين، بينما الاخير غلب التزامه العقائدي والديني على مصالح الولايات المتحدة، فكانت النتيجة انه عندما غادر ترك وراءه كل هذا العداء للاميركيين في منطقة لهم فيها مصالح كثيرة.