دجاجة تبيض ذهبا

TT

من يقرأ تقرير كوفي عنان حول الوضع في العراق يتأكد له بشكل قاطع عدم رغبة الحكومة العراقية في تخفيض المعاناة عن الشعب العراقي، واستمرارها استخدام معاناة الشعب العراقي كورقة سياسية.

تقرير كوفي عنان الذي يتحدث بالارقام عن اعطاء الحكومة العراقية الحق في تصدير اربعمائة وتسعين مليون برميل في المرحلة التاسعة والتي يبلغ سعرها اكثر من سبعة مليارات دولار، يشتكي من ان العراق لم يتقدم الا بطلب واحد لشراء حاجيات تتعلق بالقطاع الصحي وبالتعليم، في وقت يشكو فيه العراقيون من نقص حاد في التجهيزات الطبية والمعدات والادوية، وتعاني فيه المدارس من اهمال متعمد.

ان تأخذ وزارة الاعلام العراقية الصحفيين، وزائري العراق الى المستشفيات ليروا النقص الحاد في التجهيزات والاستعدادات الصحية، وان يروا اطفالا يعانون من نقص الدواء ومن المرض هذا اهم بكثير من تحسين احوال الناس وشراء المعدات والاجهزة المطلوبة لتخفيف معاناتهم.

المشروع الجديد المطروح على مجلس الامن لتغيير نظام العقوبات بحيث يسمح للعراق باستيراد كل حاجياته الغذائية والطبية ورفع الحصار الكامل بهذا الشأن مع تشديد دولي على التسلح يثير فزع الحكومة العراقية التي تخاف من الانكشاف الكامل امام المجتمع الدولي لو رفع الحصار الاقتصادي عن الشعب العراقي، وهذا ما يفسر هجوم طارق عزيز غير المسبوق على فرنسا واتهامها بالنفاق، والتهديد العراقي لكل المتعاملين مع العراق اقتصاديا في حالة قبولهم لنظام رفع العقوبات ضمن المشروع الجديد، وتهديد الاردن تحديدا، وعبر رسالة رسمية وغير رسمية بوقف فوري لكل شحنات النفط المتفق عليها بين البلدين.

من يراقب الاعلام العراقي سيلحظ دون عناء صحة ما كان يقوله الكثيرون من ان اخطر ما يواجه النظام العراقي هو رفع الحصار عنه، وان نظام بغداد يقاتل بضراوة ضد رفع الحصار، فلقد تاجر بالحصار وبشقاء العراقيين ومرضهم واستخدم هذه المعاناة للدعاية السياسية.

ونعتقد ان المرحلة الجديدة ستشهد عنادا غير مسبوق، ولكنه عناد قصير الامد لانه سيعني عزلة اقليمية ودولية وفضيحة سياسية حيث يريد المجتمع الدولي رفع الحصار، وتبقى بغداد وحدها متمسكة به لآخر لحظة، فهو الدجاجة التي تبيض ذهبا على حساب العراقيين.