أمير قطر.. عفا حين قدر

TT

في زيارتي لقطر الأسبوع الماضي ـ بدعوة من مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة قطر ـ كنت محظوظا باللقاء بأميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، فلقد وجدت انسانا محبا لقطر ومتحمسا لمستقبلها، يبشّر بمزيد من الانفتاح وتوسيع للديمقراطية، ويشيع جوا من التفاؤل والثقة بالمستقبل والقدرة على قراءته بشكل جيد.

كما يشاهد الزائر للبلاد حركة دؤوبة لا تتوقف، ويلاحظ ان المشهد فيها يتغير كل أشهر، وتتغير معه روح جديدة تهب على البلاد، تقبّلت حكم محكمة العدل الدولية لانهاء الخلافات الحدودية التي طالت مع البحرين بطريقة حضارية تنسجم مع التوجه القطري الجديد، وأغلقت نهائيا ملف الحدود مع المملكة العربية السعودية اكبر جيرانها بطريقة تشير الى ان دول المنطقة جميعا مقبلة على مرحلة واعدة تتجاوز كل مخلفات الماضي بنظرة مستقبلية ملؤها التفاؤل والاقبال على الحياة العصرية الجديدة.

ثم جاءت احكام الاستئناف القطرية باعدام 19 متهماً، وبالمؤبد لـ26 وببراءة 28 آخرين اتهموا جميعا في المحاولة الانقلابية التي جرت العام 96، اقول لتتناقض هذه الأحكام ـ اذا ما نفذت ـ مع النهج الجديد، ومع الروح القطرية الجديدة، صحيح ان المحاكمة تمت بدرجة عالية من الشفافية، وبأن الأحكام اطلقت بعد محاكمات علنية على مرأى ومسمع من العالم، الا ان تنفيذ هذه الاحكام لا يتوافق ـ على الأقل توقيتا ـ مع الخطوات القطرية الجديدة التي تدعو الى احترام الانسان وتقديس آدميته، ولا شك بأنها ستبقى ندبات في قلوب عائلات المحكومين وأقربائهم، في مجتمع صغير متماسك ومتقارب، وقد تبقى «علكا» في فم من يحاول الإساءة الى قطر متى ما اشتهى ذلك.

ان غلق هذه الصفحة من قبل امير قطر، سيكون اكبر اعلان على ان قطر قد طوت صفحات الماضي، وولجت مرحلة جديدة من مراحل قطر الحديثة، وسوف ينظر المراقب للعفو على انه مؤشر على مدى استقرار النظام السياسي القطري، ومقياس للثقة بالنفس والتأييد الشعبي له، كما ان العفو الأميري الذي يغلق هذه الصفحة لن يكون مفاجأة لكل من عرفوا الأمير الانسان حمد بن خليفة آل ثاني، بل ان العفو يتوافق مع سجاياه، وتنفيذ الأحكام فيه ضرر للصورة التي تحرص قطر على الحفاظ عليها، ولا شك بأنه يتواءم مع الرسالة القطرية الجديدة التي تحاول قطر بثها ليل نهار.

ان اقدام امير قطر على خطوة العفو المرجوة ستجد ألسنة تلهج بها ثناء دوما، وستكون زادا لأحباب قطر وأصحابها، ومادة تضاف الى ارصدتها الايجابية، وسيردد المحبون لقطر وأميرها دوما أن: «أمير قطر، عفا حين قدر».