حين لا نتذكر أي صورة

TT

درجت العادة أن تقترن نهاية العام بمراجعات شخصية ومهنية وعامة حول أبرز الاخفاقات أو النجاحات التي تحققت في السنة التي نحتفل بانقضائها. ومن ضمن الاهتمامات الصحافية والإعلامية في نهاية العام محاولة استخلاص ماهية الأحداث والصور الأشد وقعاً وتأثيرا في الرأي العام.

في محاولة شخصية محدودة ومتواضعة حاولتُ أن أسأل بعض الأشخاص المتبايني الخلفيات والاهتمامات عن الصورة والحدث الأهم بالنسبة إليهم في العام 2006.

الاجابات كانت متعددة وتراوحت من مشاهد الموت اليومي في العراق إلى صورة فتاة شاطئ غزة إلى ضحايا مجزرة قانا الثانية في جنوب لبنان خلال حرب يوليو (تموز) وصور وأحداث كثيرة أخرى.

اللافت أنه بات من الصعب التدقيق في صورة أو حدث واحد علق في الأذهان وكأن وقع هذه الأحداث والصور بات عادياً وإن أثار فينا شيئا فإن الأثر غالباً ما ينتهي بعد أفول المشهد أو ببساطة بعد قرار شخصي باختيار قناة أخرى أو صفحة أخرى.

التطور الهائل في عصر الصورة والمعلومة وتشابك المصالح الدولية أو تنافرها، جعل كم الأحداث والصور التي تضخها وسائل الإعلام بشكل متواتر وسريع، هائلاً من دون أن تكون الكمية عدداً فقط، فلكل حدث صورته ومأساته ما يجعل من الصعب الحديث عن صورة العام على غرار ما كان يحدث سابقاً، خصوصا خلال الحروب التي شهدتها المعمورة.

هذا الواقع يدفع للتساؤل، هل أن المطلوب من الإعلام البحث عن صيغة علاقة مختلفة لا تؤدي إلى جعل المآسي مبتذلة، ويحول دون تعميمها بشكل يحولها من حدث جلل إلى مشهد عادي يمّر على الشاشة أو على صدر صحيفة.

قبل سنوات قليلة كانت صورة الفتى الفلسطيني محمد الدرة الذي سقط أمام عدسات الكاميرا ضحية رصاص الجنود الاسرائيليين قوية إلى حدّ تحول فيه محمد الدّرة إلى أيقونة تلفزيونية، بينما صور فتاة شاطئ غزة التي قتل ذووها على الشاطئ أو صور مجزرة الحديثة العراقية أو مجزرة قانا، وهي كلها صورة لا تقل قسوة، لكنها مرّت ولا يمكننا أن نشعر أن أيا منها كانت صورة العام لأنها جميعها كانت صور العام.

ونحن نتحدث عن صورة العام بات وكأنه من البديهي أن نتحدث عن صورة ومشهد سلبي، فالمشاهد الايجابية تكاد تكون لا أثر لها في ذاكرتنا، خصوصا مع شعورنا بأن الإعلام بات اليوم إعلام مآس من دون أن يعني ذلك أننا نلقي اللوم على الإعلام، فتظهير هذه المآسي هو طبعا الجزء الأهم من دوره.

diana@ asharqalawsat.com