غزة .. واختطاف الأجانب

TT

بات الفلسطينيون أنفسهم ضحية الانفلات الأمني في غزة. لا أفهم كيف يختطف عمال إغاثة ومصورون وصحافيون عاملون مع وكالات أنباء ومؤسسات صحافية أجنبية مهمتهم نقل معاناة الفلسطينيين للعالم. فهم شهود، وناقلو أحداث، وليسوا من يصنعها.

فما الذي سيستفيد منه الخاطفون من مصور من بيرو مريض بالقلب ويحتاج إلى دواء منتظم، قدم من بلاده ليقوم بعمل يؤمن به، ويحبه، لينقل للعالم معاناة الفلسطينيين. خايمي رازوري، مصور وكالة الأنباء الفرنسية، رجل خاطر بحياته، وحضر في مناطق الخطر ليوثق أحداثها، فيجد نفسه الضحية!

والأسوأ من كل ذلك لو اتضح أن اختطافه كله بسبب الرغبة في الحصول على فدية، مثلما حدث مع زملاء له من قبل. وكانت النتيجة زيادة في تشويه سمعة الفلسطينيين.

والغريب أن لا معلومات محددة عن خاطفيه، ولم نر مختطفي الصحافيين الأجانب الذين أطلق سراحهم من قبل في السجن، بل إن أحد المسؤولين الأمنيين الفلسطينيين ينصح الأجانب بمغادرة غزة حتى تستقر الأوضاع الأمنية، بحسب ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء. وكلنا يعلم أن الانفلات الأمني في غزة لم يعد من أسبابه الاحتلال الإسرائيلي فقط، بل للأسف تقع المسؤولية على عاتق الفلسطينيين أنفسهم الذين سادت بينهم لغة السلاح، والاختطاف، والاغتيال، وهم تحت الاحتلال. والطريف أن في عالمنا العربي من ما زال ينادي بأن لا صوت فوق صوت المعركة، حيث يؤجل التطوير والإصلاح بحجة مواجهة الأعداء، بينما الفلسطينيون لم يستطيعوا تأجيل الخلافات والصراعات فيما بينهم.

المحزن أن أكثر من يسيء للقضية الفلسطينية اليوم هم قسم من الفلسطينيين أنفسهم، وذلك بسوء إدارة الحياة اليومية، وسوء إدارة الصراع، وسوء إدارة التنافس فيما بينهم.

الفلسطينيون اليوم في أمس الحاجة لتعاطف دولي معهم، خصوصا بعد الأحداث المؤسفة بين الفلسطينيين أنفسهم، فكثر الذين لم يتنبهوا إلى أن ما يسيطر على وسائل الإعلام اليوم هو الصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني، بدلا من الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي.

وتبدلت صورة الاحتياج للمساعدة الدولية بصورة إسماعيل هنية «متعبدا» في طهران التي باتت عمقا استراتيجيا لفلسطين، بحسب كلام هنية، بدلا من العمق العربي، والدعم الدولي.

اختطاف صحافي هو إساءة للقضية، وللشعب الواقع تحت الاحتلال، وتغييب لمعاناة شعب ينتظر تعاطفا دوليا معه. المؤلم أن ثقافة الاختطاف في منطقتنا تبدو بضاعة لم ولن تبور، حتى بعد ما ثبت، من التجارب، أنها بضاعة فاسدة.

نرى عبثا كثيرا في فلسطين، لكننا لا نرى أي مؤشر على نضوج!

[email protected]