ما بين الشحمة واللحمة

TT

سمعت أن أحدهم قد تزوج بأرملة لها صبية حسناء، وعندما وقعت عين والده على تلك الصبية هام اعجاباً وغراماً بها، فقرر ان يتزوجها، حاول ابنه بشتى الوسائل ان يثنيه، غير ان الوالد (ركب رأسه والف سيف) إلا ان يتزوجها ـ وليس هناك اصعب من عشق رجل عجوز لفتاة صغيرة ـ، خصوصاً إذا كان ذلك العجوز رجلاً ثرياً يستطيع ان يشتري كل شيء (بفلوسه) بما في ذلك الصبايا الجميلات. واختصاراً لتلك الحكاية المسلية، استطاع الوالد في النهاية ان يتزوج الصبية بعد موافقة والدتها، التي هي زوجة الابن الذي يقول: ان والدي اصبح صهري، واصبحت ابنة زوجتي امي، لأنها زوجة ابي، وولدت زوجتي فيما بعد طفلاً، فأصبح ذلك الطفل اخا لزوجة ابي، وهو بمثابة خالي لأنه أخو زوجة أبي، وبعد فترة ولدت زوجة أبي طفلاً، فكان بالطبع أخي وحفيدي، في نفس الوقت لأنه ابن بنت زوجتي، وعلى هذا الاساس تكون زوجتي هي جدتي، لأنها كانت أم أمي، وأكون انا زوج زوجتي وحفيدها في نفس الوقت، ولما كان زوج جدة المرء جداً، فأكون انا في النهاية جد نفسي عندما استمعت الى تلك الرواية (الهمايونية) غبت عن الوعي قليلاً، ثم عدت إلى الوعي سريعاً، مقارناً بين الابن وابيه، وبين الأم وابنتها، متخيلاً حالي كيف يكون لو انهم عرضوا علي جميع الخيارات؟!، لا شك أن عيني سوف تتوه ما بين (الشحمة) التي هي الأم، وما بين (اللحمة) التي هي البنت، ومن حسن الحظ ان الشرع لا يسمح للجمع ما بين الأم والبنت.

>>>

في سنة من السنوات في لندن، وبينما كنت مستلقياً بأمان الله في غرفتي بالفندق (أحملق) بالسقف، مسترجعاً حوادث الليلة البارحة وما فعلته (وهببته) انا فيها، وإذا بباب غرفتي يقرع، فتناولت (روب) الحمام سريعاً ولبسته ساتراً نفسي، ثم فتحت الباب، وإذا وجهي بوجه صديق (يقطع الرزق)، ولو انني كنت أعلم انه هو لما فتحت الباب، المهم انني وقفت حائلاً بينه وبين الدخول، فسألني: هل تريد ان تذهب معي (للهايدبارك) لنستمع للخطباء والمتحاورين، فاليوم هو الأحد؟!، فقلت له: لا، اذهب انت وحدك لأنني اريد ان اجلس هنا لكي اتحاور مع نفسي، فذهب وبعد ثلاث ساعات أو اكثر، وإذا بباب الغرفة يقرع، لأتناول روب الحمام مرة ثانية وافتح الباب، وإذا بالوجه الذي يقطع الرزق يعود، حاولت صده غير انه (دفشني) ودخل، واخذ يحكي لي عن ما سمعه من دون أن أسأله وقال: لقد شدني احد الخطباء عندما هاجم الحكام في بريطانيا وشن عليهم هجوماً عنيفاً، الى درجة انه طالب بإحراق مجلس العموم، وكذلك قصر (باكنغهام)، وفجأة شاهدت جندياً يشق زحام الناس، ثم يخاطبهم بصوت جهير قائلاً: يا حضرات، يا حضرات، ارجوكم اسمعوني، ورتبوا صفوفكم، الذي يريد احراق مجلس العموم يصطف الى اليمين، والذي يريد احراق (باكنغهام) يصطف الى اليسار.. وما ان انهى كلامه وإذا بالجميع ينفجرون ضاحكين بمن فيهم الخطيب نفسه.

[email protected]