.. وكذلك يفعلون

TT

«كثيرون سيأخذون أموالهم ويهربون من البلاد، كما أن الاستثمارات ستتوقف والبطالة ستتزايد، بل وستعزل مصر نهائيا عن العالم». هذا نص ما قال الرئيس المصري محمد حسني مبارك لصحيفة «الأسبوع» المصرية حول خطورة الإخوان المسلمين، وتيارات الإسلام السياسي، في حال ما أصبحوا في سدة الحكم.

نعم.. وكذلك يفعلون! خير دليل على ما قاله الرئيس المصري أفغانستان، والجزائر، والسودان، وحماس، وكذلك العراق على يد جماعة الصدر والحكيم، ولا ننسى جماعة حزب الله، الذي بات كل ما يصدر منه إلهيا، ومن قبلهم جميعا طهران، عاصمة العبث بالدين.

الإسلام السياسي، ومهما طرح من شعارات، أثبت رعونته السياسية، ومثل ما أن الجميع يدين الفساد في السلطة، أي سلطة بالعالم العربي، فلا بد من إدانة الرعونة السياسية، التي لا تقل عن الفساد. ذاك فساد بالأموال، والرعونة إفساد بحق الأرض والناس، ومستقبل الشعوب.

في حال فلسطين، مثلما أدنا فساد فتح، يجب أن ندين رعونة حماس. والأمر نفسه ينطبق على حزب الله في لبنان، وغيرهم.

الإسلام السياسي استخدم الاغتيال المعنوي بحق خصومه، وكان أبرزها وصمة «العمالة» للخارج، والمقصود هنا طبعا الشرعية الدولية التي تحصل عليها الحكومات من المجتمع الدولي, لكننا نرى حماس تسبّح بحمد طهران، ماليا بالطبع، ومثلها حزب الله، عقائديا وماليا، والإخوان يصدرون البيان تلو الآخر تأييدا لإيران، مثلهم مثل حزب الدعوة في العراق، وجماعة جيش المهدي، وفيلق بدر. وبعض قيادات «القاعدة» يقيم في الأراضي الإيرانية.

والغريب أنهم بذلك يسيرون على خطى بعث سوريا وعلاقته بإيران، سوريا التي تدعم سنة العراق، مقابل ضرب سنة لبنان وسوريا نفسها! فما عدنا نعلم اليوم ما هو الديني، وما هو غير الديني. ولذلك بعد الفساد، أصبح لدينا داء الرعونة السياسية!

صعود تيارات الإسلام السياسي الى رأس السلطة هو إيذان بطرد رؤوس الأموال، التي تبحث عن الاستقرار، لا الرعونة السياسية، والتهور. فقط راقبوا وقارنوا تدفق الأموال الأجنبية على دبي مقابل حجم الأموال التي تتدفق على قطر، فالكفة تميل لمصلحة دبي، لأن رؤوس الأموال تنفر من التأرجح السياسي، أو قل التهور. وإيران «النفطية» باتت تعاني اليوم من أزمة بنزين! لكن بالمقابل، وهذا الأهم، على الحكومات العربية أن تشرع، أكثر.. وأسرع، في ترسيخ مفهوم المواطنة، وتعميق دورها في فرض هيبة دولة القانون، وكفالة الحريات، وضمان الحقوق. فلا أحد يطالب بإقصاء الدين، فالناس، في كل العالم العربي، تتعبد الله ولا تقبل الابتعاد عن الدين كدين.

ولذا على الحكومات العربية أن تباشر في خلق الوظائف، وتطوير التعليم، وفتح نوافذ للعقول التواقة للنجاح، وتطوير الكادر الصحي، وزيادة التخصيص، وتطوير السلك القضائي، وبث الشفافية، وإعطاء شرائح المجتمع كله الحق بالعمل والإنجاز، وكفالة الحريات، وإلا باتت الفرصة مواتية أكثر لتيارات الإسلام السياسي، ليس حباً في علي وإنما نكاية في معاوية.

[email protected]