«همسة» وكنت أحسبها سلاما!

TT

فوجئ الكثيرون بتصريحات زعيم حركة حماس الفلسطينية خالد مشعل، التي أعلنها في «دمشق»، بأن اسرائيل أمر واقع، وأن الحركة ستعترف بها بعد قيام دولة فلسطينية. وهذا التحول غير البسيط في موقف حركة حماس، جاء بعد تصريحات القيادة السورية، بأنها ترغب في فتح حوار جاد مع اسرائيل، لأجل السلام وإنهاء حالة الحرب معها. وعلق على هذه التصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي، بأنه على استعداد للاستماع إلى أي طرح عن السلام، حتى لو كان هذا الطرح همسا.

رياح التغيير تهب على الشرق الاوسط، ومصدرها هذه المرة دمشق. المقولة الشهيرة، التي باتت قاعدة سياسية في الشرق الاوسط، والتي تقول لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون سوريا، بدا من الواضح أنها تتبلور وتأخذ الشكل العملي، ولكن من المهم أن يتحول هذا الاتجاه الى واقع مقنع وليس في اطار صفقة معينة يكون نتاجها اتفاقية شكلية باردة.

إسرائيل بلد استعماري ونبت على نهج شديد التطرف والقسوة، وليس من المقبول في عالم مفتوح ومتحرر أن تكون هناك دولة محتلة وتعامل أهل الدولة بالقسوة والغطرسة التي تمارسها اسرائيل، ولكن هناك شروطا مهمة للسلام وأساليب مقنعة لانجاح ذلك.

جدية الطرح تتطلب الاستعداد للقرارات المؤلمة، وأن تكون هناك جاهزية للاستغناء عن أعداد غير بسيطة من المنتفعين والمستفيدين من إبقاء حالة الحرب بحجة المقاومة (وهي غير موجودة) ومحاربة الامبريالية (وهي ممارسة بالفعل) أو محاربة البرجوازية والرأسمالية (وهي تطبق حرفيا). حالة الحرب «الوهمية»، التي أوجدت واستفادت منها مجموعات غير بسيطة، لا بد أن تنتهي، ولا بد من التيقن من أن هذه المجموعات ستسعى جاهدة لكسر أي مجهودات باتجاه السلام، لأن السلام وبكل بساطة سيقضي عليها فورا.

السلام مطلب مهم وسام ونبيل، ولكن له تكاليف وفاتورة ومطالب، وأهمها الجدية والقدرة على مواجهة تيارات انهزامية غوغائية وسلبية تعتمد على تجييش العواطف وجلد الذات وتسويق الأوهام وبيع الاحلام. جدية تحقيق السلام وانجاحها يعتمد على ظروف كثيرة وأطراف متعددة. ويبقى السؤال هل هذه «الهمسات»، هي أصوات صادقة وجادة تحاول انجاز سلام يفتخر به الجميع، أم أنها بمثابة «سمسرة» تسعى لانجاز صفقة، بغض النظر عن التكلفة والثمن. المنطقة لن تتحمل ترويج الوهم ولا تسويق اللاممكن.

[email protected]