أثرياء وأثـ.. رياء!

TT

هناك أثرياء لا يجلب المال لهم ذكرا حسنا في الدنيا ولا أجرا مدخرا في الآخرة، وجودهم عدم وحضورهم غياب.. وعلى الضفة الأخرى من هؤلاء نجد أثرياء، إذا ذكرت أسماؤهم ترنمت في داخلك بهذا البيت من الشعر:

أماوي إن المال غاد ورائح . . . ويبقى من المال الأحاديث والذكر

واليوم في كل مرة أقرأ خبرا عن برامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع، أقف احتراما لهذا البيت التجاري، الذي لم تشغل أصحابه الدنيا عن الآخرة، ولا التفكير في الذات عن الواجب تجاه المجتمع، فلقد وفرت هذه البرامج أكثر من 12 ألف وظيفة خلال العام الماضي، ومنها 7 آلاف فرصة عمل للنساء، في إطار برنامج الأسر المنتجة.

هذه البرامج تطبق بنجاح المثل الصيني «لا تعط الجائع سمكة ولكن أعطه سنارة وعلمه كيف يصطاد»، فتقوم بتأهيل الشباب مهنيا وحرفيا، عبر برامج تدريبية متنوعة، كما تقوم بتمليكهم سيارات أجرة وسيارات نقل عام، وتضطلع بدعم الكثير من المشروعات الصغيرة، وعبر برامج الأسر المنتجة توفر آلاف الفرص للعمل النسائي.. ولم تكتف بكل هذا وغيره، فهي تضطلع من خلال برنامج تنوير الأيتام بمسؤولية تربوية تجاه هذه الشريحة من الأطفال، فتنظم لهم خلال الصيف رحلات خارج السعودية وداخلها.

إن ما ذكرته غيض من فيض ما تقدمه برامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع، وعلينا أن نعرف أن الاسم، الذي تنتسب إليه هذه البرامج، عبد اللطيف جميل ـ رحمه الله ـ هو أحد الرجال العصاميين، الذين صعدوا سلم الحياة درجة بعد أخرى، بعرقهم وكدهم وجدهم، ولكونه جاء من عمق هذا المجتمع الذي اعتاد التراحم والتكافل، فلم يزده الثراء إلا المزيد من الالتزام الإنساني نحو المجتمع الذي هو جزء من نبته، وثمرة من غراسه، ولأن الخلق الكريم يورث، جاء من نسل الكريم من يكمل الرسالة ويواصل حمل الأمانة.

إن عبد اللطيف جميل وأمثاله من الرائعين يقدمون المثال والقدوة والنموذج، لكن من يقتدي؟ ومن يبحث عن مثال؟ تلك هي إشكالية بعض الأثرياء، ممن يعتقد أن الوطن أخذ بلا عطاء، وحقوق بلا واجبات.. وحسبنا وحسبهم الله.

[email protected]