إلغاء الإخوان الخطوة الخاطئة

TT

إلغاء «الإخوان المسلمين» كتيار سياسي وفكري واجتماعي واقتصادي، أمر مستحيل وإن جاء الأمر بتوقيع رئيس مصر شخصياً.

حركة الإخوان ليست شركة يمكن ايقاف نشاطها بقرار حكومي، بل تمثل فكراً معارضاً، أو لنقل حركة تمثل فئات كبيرة في مجتمع من سبعين مليون نسمة، يتميز بالحيوية والتعددية.

لهذا من المؤكد أن الغاء النشاط السياسي للإخوان لن يوقف التنظيم، بل سيجعله أكثر تحدياً للنظام السياسي، وسيضعف موقف الدولة في بناء تيارات سياسية منضبطة تدور في فلكها.

ولا بد ان اتفق مع الطرح الرسمي الرافض لأسلوب الإخوان الانتهازي، الذي يستغل الدين في جمع الاموال وكسب الاصوات واثارة المشاعر وتقسيم المجتمع. فاستغلال الدين في العمل السياسي مرفوض، الا في مجتمع يقبل التفرقة دينياً، أما في مصر فإن الاغلبية الساحقة مسلمة، بما فيها الاحزاب الحكومية والمعارضة.

كان بامكان الحكومة تقنين العمل الحزبي وتخليصه من الاستغلال الديني وفرض شروط على العضوية وفتح باب للشكوى عند وقوع المخالفات داخل الاحزاب، والتشجيع على المنافسة والتحالفات وتوسيع دائرة العمل السياسي وتخفيف دور الحكومة في المجتمع بالاتجاه نحو السوق.

أما محاولة الغاء حزب تاريخي وعريق وشعبي كالاخوان، فإنها ستفشل، وستزيد من المواجهات، وستضعف من قيمة الاصلاح السياسي، الذي ميز عهد الرئيس حسني مبارك.

أمام الدولة المصرية الكثير الكثير من أجل تحقيق التطوير الاداري، الذي يمكن أن يدفع البلاد نحو حكومة أكثر رشاقة وفاعلية وتعطي المطلوب منها.

ايضاً أمام مهندسي الرئاسة ومستشاريها مساحة لتقديم افكار خلاقة، من اجل اجتذاب المعارضة، مثل الاخوان واليسار والمستقلين واعطائهم فرصة العمل والمشاركة، بدل التضييق والملاحقة. هذا ان كانت السلطة ممثلة في قيادتها تريد بالفعل النجاح لنفسها، وهو نجاح للدولة بأكملها، اما اذا كانت تعتقد انها تستطيع الانفراد بكل السلطة والساحة السياسية فإن ذلك أصبح متأخراً جداً. الرئيس مبارك بدأ مشروع الانفتاح السياسي وفتح الباب للاحزاب والحريات، وصار من المتأخر جداً العودة الى زمن عبد الناصر، حيث كانت الساحة مقسومة بين من هم في السلطة وأولئك الذين في السجن. العودة الى زمن الحزب الواحد ألغاه الرئيس مبارك، ولم يعد ممكناً العودة الى الوراء. هو الذي ايضاً اعطى الاخوان فرصتهم وان كانوا اساءوا استخدامها بإصرارهم على تقسيم المجتمع الى الإخوان المسلمين والآخرين الكفرة.

إنما الموقف في مصر لا يستدعي الالغاء، بل البحث الخلاق في الافكار من اجل المشاركة لا الهيمنة.

[email protected]