نحن جميعا حيوانات عاقلة أحيانا!

TT

لا أنت عاقل ولا أنت مجنون.. أنت الاثنان معا.. قرار صدر من المؤتمر الدولي الذي انعقد في مدينة «لنس» بالنمسا من زمن مضى.. وقد ضم المؤتمر 70 عضوا من 14 دولة.

أما موضوع المؤتمر فهو «الأمراض النفسية والفنون واللغة»، وقد لاحظ العلماء أن الرسوم والنقوش التي عرضها فنانون في وسط أفريقيا رغم بساطتها تؤكد كل صفات مرض الانفصام والازدواج في الشخصية..

وأكد علماء آخرون أن بعض الرسومات التي سجلها الشبان في أوروبا وأميركا تحت تأثير حقن الهذيان (ل.س.د)، وتحت تأثير هلوسة عقار السكالين تعرض نوعا من الإيقاع الموسيقي واللوني..

وأعلن أحد العلماء أن الرسوم والقصائد التي يبدعها نزلاء السجون المختلفة دليل على اللقاء القوي بين العقل والجنون. ولكن بصورة فنية جميلة بليغة؟!

وفي أحد الأبحاث أعلن عالم أميركي كبير أنه لا يوجد أديب ليست له عبارات تدل على الجنون.. على جنونه هو.. وأنه قد قام بإحصاء شامل فوجد أن معظم الأدباء مجانين كبار أيضا؟!

وفي البحث الذي ألقاه البروفسور رايزفوجت أكد أن عددا كبيرا من الأدباء تعرضوا لدراسة شخصيات المجانين في مسرحياتهم ورواياتهم وأنهم أبدوا عطفا وحماسا ومتعة واضحة.. كأنهم يسقطون أنفسهم على الورق.. كأنهم يصورون أنفسهم.. أو يفصلون أزياء على مقاسهم ثم يلقون بها على أجسام الآخرين.. وإن لم يكن ذلك جنونا فهو استمتاع بمعاشرة المجانين وأفكار المجانين!

والفنان ـ الرسام والشاعر والمصور والنحات والموسيقار ـ إن لم يكن مجنونا دائما فمن المؤكد انه مجنون أحيانا.. وأنه يعرف ويعترف بذلك. ولا يمكن أن يكون من قبيل الصدفة أن يصاب أصحاب الرسالات الفكرية والفن الكبرى بالصرع والانفصام، بل إن الفن نفسه نوع من ازدواج الواقع.. واقع الطبيعة والحياة.. والواقع النفسي للفنان. وليس الفن نفسه إلا نوعا من الاغتصاب أو الزواج بالإكراه..

فإذا كنت تتصور أن المجانين بلا عقل فيجب أن تتأكد أن أكثر العقلاء جدا مجانين أيضا؟!

فليس الإنسان حيوانا عاقلا.. وإنما حيوان دائما وعاقل أحيانا!