دور البطل

TT

كان داني توماس من اشهر الكوميديين في اميركا. وسئل معظم جيله من ابناء المهاجرين بدأ الصعود على السلم، ليس من الدرج الاول بل من الدرج الذي لا وجود له. من الهواء. وبنى شهرته طوال عمره على حكايات وطرائف يروي انها حدثت لوالده، الذي جاء الى اميركا وهو لا يعرف كلمة انكليزية واحدة. وعندما كبر ابن داني توماس نشأ في افضل المدارس وأهم الجامعات. وذات يوم سأله والده: ماذا تريد ان تفعل؟ فقال: «كنت اتمنى ان اصبح كوميدياً مثلك، لكن اي نكات استطيع ان اروي للناس؟ عن السيارة الفاخرة التي اشتريتها او الشقة الفاخرة التي انتقلت اليها. لقد نجحت انت لأن كل قصصك قصص تعثر في الحياة. فقر وجهل باللغة وعمل في المصانع، أما أنا فكيف اضحكهم». وضحك داني توماس طويلا وقال: «اخبرهم بقصصي وقصص جدك!»،

اقرأ الآن في مذكرات سيدني شلدون، الذي اصبح احد اشهر كتّاب السيناريو في اميركا، وتحمل بعض اشهر الافلام اسمه، وبيعت من كتبه 300 مليون نسخة. النصف الاول من الكتاب تماماً حول شاب عمل بائع احذية في النهار، وفي الليل كان يعمل في حجرة ايداع المعاطف في احد الفنادق. ومن ثم وجد عملا في نيويورك كدليل في احدى دور السينما. وبعدما كانت الدار تمتلئ يجلس ويحضر الافلام التي تعرض ويحلم بأنه ذات يوم سيكتب قصة او مسرحية تمثل في هوليوود او نيويورك. وعندما دخل هذا العالم المدهش من الخارج اكتشف انه اقسى محيط بشري على الإطلاق، وانه ليس من الصعب بل من المستحيل ان تقنع مسؤولا في شركة انتاج ان يقرأ نصاً تقدمه اليه. ووجد فرصته الاولى في تأليف اغنية. واعتقد انه وصل لكنه ما لبث ان كبا. ثم قدمت له مسرحية ثم لبث ان كبا. وكانت اميركا غارقة في سنوات الحرب العالمية الثانية والكساد الاقتصادي. لكنه ظل يحاول: «المهن في هوليوود مثل المصاعد، طالعة باستمرار ونازلة باستمرار، والمهم ان تعرف كيف لا تخرج من المصعد وهو نازل». بعد عشرات الخيبات بدأت النجاحات تتالى. وقبل ان يكمل الثلاثين، كان بين النجوم الذين يلجأون اليه ممثلون مثل كاري غرانت وجودي غارلاند. ولم ينسَ في اي لحظة الأم العاملة التي تركها في شيكاغو تتشاجر مع أب حالم ومشرد. وقد اعتاد وهو صغير ان والده دائم الغياب. لكن الأب قال له ذات مرة وهو يودعه بحزن «انني ذاهب هذه المرة في رحلة طويلة الى المزرعة، ولن اعود قبل ثلاث سنوات». وسأل امه في اليوم التالي، ما هي هذه المزرعة التي تستدعي الغياب ثلاث سنوات، فصارحته الأم بأن الاب حكم بالسجن بتهمة الافلاس الاحتيالي ولكن ما هي الا اشهر حتى عاد الاب الى المنزل «بطلا وطنيا». ففيما هو في السجن شاهد طفلا يقفز الى خزان المياه ويغرق فقفز خلفه وظل يحاول انقاذه الى ان وصلت النجدة. وتبين فيما بعد ان الطفل هو ابن آمر السجن وان السجين البطل لا يعرف... السباحة.