إنها الديموبلطجية

TT

هل سمعتم عن دولة محتلة تنشب فيها حرب أهلية، أو يقتتل أبناؤها مع بعضهم البعض، بدلا من مواجهة العدو؟ فكلنا نعرف أن العدو يوحد.. يحدث هذا في فلسطين، والعراق!

وهل سمعتم عن دولة تخرج من حرب أهلية دامية، ويأتي إليها المستثمرون حلما لبنائها، والعيش فيها، وفي اللحظة التي تنتظر فيها تلك البلاد مليون سائح، ومعارضتها تتحدث عن ديون، تصبح لتجد نفسها، حكومة وشعبا، في حرب مع عدو لا يرحم، وهو إسرائيل، بقرار من تنظيم يقول انه المدافع عن البلد، وتتكبد من الخسائر والديون ما هو أكثر من طاقتها، وبعد ذلك، وبدلا من أن يحاسب ذلك التنظيم يقوم بالنزول إلى الشارع، ويضع البلاد على شفا حرب أهلية جديدة، والعذر محاسبة الحكومة (العميلة) و(الخائنة).

علما أن ذلك التنظيم لا تجد صورة لقائده إلا وبجوارها صورة الخميني، وخامنئي، ويدافع عن الاحتلال السوري للبنان، وليس الوجود كما يحلو لهم تسميته، حيث بات لدينا احتلال حميد واحتلال خبيث؟ إنه لبنان، والتنظيم هو حزب الله، وقائده هو حسن نصر الله!

يحدث كل ذلك، في فلسطين، والعراق، ولبنان، باسم الديموقراطية.

وقبلهم ركب صدام حسين موجة الديموقراطية وخرج لنا بتصويت نتيجته مائة في المائة. نعم ويقال لنا إنها الديموقراطية. والحق يقال إن كل ما نراه لا صلة له بالديموقراطية، إنها الديموبلطجية. نعم إنها البلطجة، والإفساد بالأرض، والناس، والمستقبل.

الأخطاء في عالمنا العربي تتكرر، والمنطق دائما يخضع للبلطجة. يغتال في لبنان رئيس وزراء لم يطلق رصاصة واحدة، ولم يبن ميليشيا، بل بنى مدارس، وعمر، ويخرج حزب الله وأتباعه ليقولوا إن المحاكمة الدولية بحق من قتلوه تمس سيادة لبنان!

ويغتال في لبنان على مدى عامين قرابة عشرين إنسانا، لم يكشف عن قاتل واحد، والمعارضة لا هم لها إلا إسقاط الحكومة، وكلنا يعرف أن جميع المغتالين كانوا خصوما لجهة واحدة، وهدفهم واحد!

عندما نقول البلطجة فهذا ليس بانفعال، بل توصيف دقيق لما يحدث في عالمنا العربي، عالم الأخطاء المتكررة. فصدام حسين كتب القرآن بدمه، والمالكي يقول إن الله اختار العراق لحرب الإرهاب، ونحن نعرف أن الطرقات في بغداد اليوم قسمت إلى طريق للسنة، وطريق للشيعة. والفلسطينيون يحتربون على الزعامة وحماس الاخوانية باتت إيرانية، واللبنانيون على مهب الريح، فبعد حرب أهلية طاحنة، تقف بيروت اليوم على مشارف حرب أهلية جديدة، إن وقعت، فلن ينسى التاريخ أبدا لا حسن نصر الله، ولا سورية، ولا إيران. نحن ابعد ما نكون عن الديموقراطية، فما نشهده اليوم ما هو إلا ديموبلطجية. حيث الغياب التام للعقل، ولا ملامح للمسؤولية. كل ما نراه هو بلطجة دائمة. وبالطبع نحن الضحايا.

[email protected]