ما العيب في توزير مجادلة

TT

كالعادة هب الجميع تقريبا يهاجمون العربي الذي اختير وزيرا في الحكومة الاسرائيلية دون محاولة حساب الأمور في اطارها. وهذا يعيدنا الى تذكر مواقفنا الفاشلة ضد عرب الـ48 وحملهم الجنسية الاسرائيلية، وضد تأسيسهم أحزابا عربية اسرائيلية، وضد دخولهم في الكنيست، البرلمان الاسرائيلي، وغيرها. قضايا تعجل فيها العرب بالرفض فقط دون ايجاد حل بديل يلتزمون به ثم تراجعوا عنه، بل وبلغوا مرحلة المبالغة في الترحيب ببعضها لاحقا والمفاخرة بها أيضا.

فتوزير الفلسطيني غالب مجادلة في حكومة اولمرت الاسرائيلية، رغم ما سيشوبه من دعاية، يظل اعترافا من اسرائيل بما كانت تتجاهله، وهو احقية الفلسطينيين التي كانت محل الطمس والحرمان والتضييق عقودا طويلة. منعتهم من كل ما يؤهلهم للاستمرار والاستقرار والاعتراف الدولي بهم ولم تنجح واضطرت سنة بعد سنة للاعتراف بوجودهم تدريجيا، وها نحن ندخل مرحلة جديدة. والذين يعارضون التوزير لا يستطيعون ان يقنعوننا لماذا اذاً يؤيدون وبحماس تصويت فلسطينيي الداخل في الانتخابات الاسرائيلية؟ لماذا الانتخاب حلال والوزارة حرام؟ كلها مشاركة في النظام السياسي الذي يمكن التأثير عليه ان لم يمكن تغييره من خلال ممارسة الحق القانوني في اسرائيل نفسها، بالترشح والتصويت والتوزير والمشاركة الفعالة لا المقاطعة السلبية التي لم تؤد الى نتيجة منذ 58 عاما.

في داخل اسرائيل الفلسطينيون قادرون على التفكير بالنيابة عن انفسهم واتخاذ ما يرونه ملائما لظروفهم ويخدم اوضاعهم ويستحقون التأييد.

نعرف ان رئيس حزب العمل يريد ان يحرج فلسطينيي الضفة وغزة بتوزير فلسطيني من الداخل في وقت حماس وفتح تتقاتلان فيه على المناصب والصلاحيات في منظر معيب ومؤلم. ونعرف، ايضا، ان حزب العمل يريد كسب اصوات الناخبين من فلسطينيي الداخل بحكم كثرة الاحزاب وقلة الاصوات. وفي كل الأحوال فان دخول الفلسطينيين الى الحكومة الاسرائيلية يجب ان يزعج الاسرائيليين لا العرب، مثلما لو حاول يهودي دخول حكومة فلسطينية لقامت الدنيا عربيا ضده ولن تقعد. فلما نعترض على ما هو عملي ومفيد سياسيا. لقد جرب العرب مقاطعة نواب الكنيست من فلسطينيي الداخل ثم عدلوا عن ذلك بعد ان شاهدوا أداءهم، والحال هنا مشابهة من الناحية الرمزية والاخلاقية والمنطقية. لقد انتهى مشروع التحرير بالقوة كما زالت حجج احتلال الاراضي أيضا بالقوة وصارت الأمور تتجه نحو حلية العمل الدبلوماسي والسياسي داخليا وخارجيا وهنا يأتي دور المؤمنين بهذه الحقوق وممارستها وعلى رأسهم فلسطينيو الداخل.

ان استطاع فلسطينيو الثمانية وأربعين ان يفرضوا وجودهم ويتحالفوا مع القوى الاسرائيلية الأخرى في الحصول على حقوقهم ودعم اخوانهم في الاراضي المحتلة فلماذا يرفضون ويعيرون؟ فنحن ندخل مرحلة جديدة من المعركة مع اسرائيل تقوم على التصويت والانتخاب وقياس الرأي العام والمشاركة الشعبية، وهذه ستحتاج من الجميع ان يتضامنوا من اجل دفع الامور نحو تمكين الفلسطينيين من حقوقهم الاساسية باعادة اراضيهم واقامة دولهم وعودة مهجريهم.

[email protected]