أبو قتادة وبكري وإمام ميلانو

TT

الذي يجمع بين المحبوس في بريطانيا أبو قتادة، والمخطوف من روما أسامة نصر والهارب من لندن عمر بكري أنهم جميعا يريدون بلاد الغرب لا بلدانهم الإسلامية. فأبو قتادة يريد البقاء في سجنه في بريطانيا على أن يرحل إلى الأردن. وكذلك إمام المسجد الإيطالي أبو عمر أسامة المصري، الذي خطفته السي آي إيه إلى مصر، هو الآخر يطالب بعودته إلى ميلانو، عاصمة الموضة، وكذلك تعويضه ماليا. أما الثالث فهو أشهرهم. فقد استعجل بكري أمره وركض باتجاه المطار بعد أن كانت الحكومة في لندن تعد لإجراءات عقابية ضد المحرضين على العنف وسافر إلى لبنان. الآن وبعد هذه الفترة في بلاده يلح ويطالب بالعودة إلى لندن، رغم كل ما قرروه ورغم كل ما كان يقوله ضدهم.

ما الذي يدفع المتطرفين الأصوليين الذين يحرضون على الغرب، أو ثقافته، يركضون قبل غيرهم إلى هناك؟ ويقاتلون من اجل البقاء فيه؟

هل يعانون من انفصام في شخصيتهم بين واحدة تحمل فكرا كارها، وأخرى تريد الاستمتاع بمقومات الحياة في الغرب؟

لم نسمع من هؤلاء قط أنهم يريدون الرحيل إلى الصومال أو باكستان أو بلدانهم الأصلية، رغم كل خطبهم وأدبياتهم عن فروض الدين، وحب الوطن، واعتبار الغير كافرا، إلى درجة أن بعضهم يدعو إلى مقاتلتهم. ما الذي يجعل عمر بكري الذي استمتع بحريته في بريطانيا أن يحث على كرهها، ومحاربة ثقافتها، ويسبها قائلا بأنها ليست إلا دورة مياه يعيش فيها لقضاء حاجته. هل يعقل أن ينتهي مثله واقفا يريد العودة إلى بريطانيا بعد كل ما قاله وفعله؟

أما أبو قتادة فانه يفضل البقاء في سجنه على الرحيل إلى بلده الأردن، ويشترك في ذلك مع إمام مسجد ميلانو الذي يحتج على نقله إلى بلده مصر وسجنه هناك. ولم يكتف الإمام بالاحتجاج على جريمة خطفه بل قرر أن يطلب عشرين مليون يورو تعويضا حتى قبل أن يعود إلى ايطاليا.

ومن المؤكد أن هؤلاء يستمتعون بأقصى ما يمنحهم النظام الذي يكرهونه، يريدون مساعداته المالية وحمايته الأمنية وعدالته القانونية وحريته التعبيرية. أليس في تصرفات بعضهم هذه غاية الرياء؟ أليس في خطابهم الكثير من التدليس على أتباعهم بين ما يقولون ويفعلون؟

بعض دعاة الكراهية من المتطرفين الذين يعيشون في الغرب هم من حرض المسلمين في الشرق على بلدانهم التي يعيشون فيها، التي استضافتهم ومنحتهم الحماية والرعاية، وفي كثير من الحالات دفعت ثمن تعليم أطفالهم بما في ذلك دراساتهم الإسلامية واللغة العربية. والذي يثير الاستهجان أيضا عندما نرى عددا من الكتاب يستنكر تصرفات الحكومات التي تريد التخلص من المتطرفين بإرسالهم إلى بلدانهم الإسلامية. فبدلا من المطالبة بتصحيح الوضع الخاطئ امنيا وقانونيا في المنطقة يريدون من الدول التي لفظتهم أن تبقي عليهم وتتحمل التخريب الفكري الذي ألحقوه بمجتمعاتها.

[email protected]