أمنت لما أقمت العدل بينهمو!

TT

حديث نبوي شريف معناه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد رأى في نومه من يأتيه بكوب من اللبن فشربه إلا قليلا.. أما القليل فأعطاه لعمر بن الخطاب. وسئل الرسول عن المعنى فقال: اللبن هو العلم!

أي هكذا كان عمر بن الخطاب عالما..

ويقول أستاذنا عباس العقاد عن عمر بن الخطاب: كان أديبا مؤرخا فقيها عظيم الشغف بالشعر والأمثال والطرائف الأدبية.. وكان يروي الشعر ويتمثل به ويحرص على روايته.

وقال أستاذنا طه حسين: من ذا الذي يرتاب في فهم عمر للشعر وعلمه بأسراره ودخائله وهو أذكى قريشي قلبا وأبعدهم بصيرة وأشدهم دقة ورقة شعور.. وهو الذي كان يحب (زهيرا) ويقدمه على الشعراء لأسباب فنية خالصة..

أما الذي قاله الأديب السعودي عمر بن حسين الموجان فكتاب ضخم ممتع عنوانه: «ديوان عمر بن الخطاب ـ السيرة الأدبية والشعرية ـ دراسة منهجية» في 460 صفحة وعن دار «سنا الفاروق للنشر» وقد قصد الأستاذ الموجان بديوان العرب، أي بالشعر عن العرب ثم عند الرسول صلى الله عليه وسلم.. وكيف كان يطرب للشعر ويطلب سماعه ويشجع عليه.. ثم عمر بن الخطاب الشاعر الأديب الناقد الخليفة القاضي العادل والإنسان النبيل والشجاع الشريف. وكان عمر بن الخطاب يعرف أقدار الشعراء ويكره التجريح والهجاء.. ويشيد بالحب الشريف.. ولما سمع امرأة تتغنى بشاب حليوة اسمه نصر بن حجاج أتى به وحلق شعره فازداد جمالا فنفاه إلى البصرة. وكانت المرأة تقول:

وفي قصيدة (العمرية) لشاعر النيل حافظ إبراهيم يقول:

ووصف حافظ إبراهيم مبعوث كسرى الذي جاء إلى لقاء عمر فوجده نائما نوما هادئا عميقا:

فاقرأ كتاب الأستاذ الموجان واستمتع..

هل من سبيل إلى خمر فأشربها - أم من سبيل إلى نصر بن حجاج

جنى الجمال على (نصر) فغر به - من المدينة تبكيه ويبكيها

وكم رمت قسمات الحسن صاحبها - وأتعبت قصبات السبق حاديها

وزهرة الروض لولا حسن رونقها - لما استطالت عليها كف جانيها

جزرت لمته لما أتيت به - ففاق عاطلها في الحسن حاليها

فصحت به: تحول عن مدينتهم - فإنها فتنة أخشى أعاديها

وفتنة الحسن إن هبت نوافحها - كفتنة الحرب إن هبت سواقيها

وقال قولة حق أصبحت مثلا - وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها

أمنت لما أقمت العدل بينهمو - فنمت نوم قرير العين هانيها