ليست مزحة: كيف نهزم طالبان بديموقراطية باكستان؟

TT

تجدد الزيارة الأخيرة غير المعلنة التي قام بها نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني الى باكستان، والتي ضغط فيها، مرة أخرى، على الجنرال برويز مشرف لوقف التسامح مع النشاطات المرتبطة بطالبان، النظر لإضاءة ظللت أقولها خلال السنوات العديدة الماضية وملخصها: بلادي، باكستان، تواجه أزمة سياسية، وليست أزمة عسكرية على وجه التحديد.

وأتفق بالكامل مع تصريح الرئيس جورج دبليو بوش الواضح في رسالته عن حالة الاتحاد عام 2006 والتي قال فيها:

(الدكتاتوريات توفر ملاذا للإرهابيين وتغذي الاستياء والتطرف وتسعى إلى امتلاك أسلحة الدمار الشامل. أما الديمقراطيات فتستبدل الاستياء بالأمل، وتحترم حقوق المواطنين وجيرانهم، وتنضم إلى مكافحة الإرهاب. وكل خطوة باتجاه الحرية في العالم تجعل من بلدنا أكثر أمنا، ولهذا سنتصرف بجرأة لصالح قضية الحرية).

ويعكس هذا التصريح على نحو دقيق الوضع في باكستان في ظل الحكم العسكري الحالي. وغالبا ما نقرأ المزيد والمزيد في الصحافة العالمية بأن إسلام آباد عاجزة أو غير مستعدة لإيقاف طالبان والقاعدة من القيام بنشاطات في منطقة القبائل بباكستان، فيعبرون الحدود إلى أفغانستان لقتل أفراد القوات الأميركية وقوات الناتو التي تحاول أن تحمي الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في ذلك البلد، فيما يقوض عجز النظام الحالي عن اتخاذ إجراءات فعالة ضد طالبان والقاعدة الحكومة المنتخبة ديمقراطيا لجارتنا أفغانستان.

وإذا عدت رئيسة للوزراء في الانتخابات التي من المقرر أن تجري في وقت لاحق من العام الحالي، فسأنهي تلك الحماية لطالبان والقاعدة فورا. ولدى حزبي التجربة في التعامل مع المتطرفين والمافيات المسلحة. ففي ولايتي الأولى كرئيسة وزراء في أواخر الثمانينات كافحت حكومتي بارونات المخدرات، وكانوا أسلاف طالبان والقاعدة، وكانت لديهم جيوش غير نظامية وأسلحة ومنصات لإطلاق الصواريخ وأموال، وهم يختفون في مناطق القبائل، حيث يشنون هجمات على قوات الحكومة الباكستانية. ولكننا روضناهم.

وعندما توليت منصبي كرئيسة للوزراء للمرة الثانية عام 1993 استدعي الجيش الباكستاني إلى ميناء كراتشي لخوض معركة ضد الاثنيين المتطرفين الذين حولوا المدينة إلى رهينة بأيديهم. وكانت حكومتي قادرة على تعبئة الشعب والحصول على معلومات استخباراتية جيدة والقضاء على خلايا المتطرفين. واستعدنا السلام في كراتشي وكان بوسعنا استعادة السلام في مناطق القبائل في باكستان.

وفي عامي 1993 و1994 حصلت طالبان على دعم كبير في باكستان. وكان ذلك مرتبطا بحقيقة أن لباكستان حدودا مع أفغانستان تمتد على مسافة 1500 ميل، وفي ذلك الوقت كان البلد الجار في فوضى. وكنا بحاجة إلى شيء من السلام والاستقرار على امتداد حدودنا، وليس القتال المستمر مع الملايين من اللاجئين الأفغان المتدفقين إلى بلادنا. وبعد أن أبعدت عن السلطة بطريقة لاديمقراطية من جانب الرئيس فاروق ليغاري، المدعوم من جانب وكالة استخبارات الجيش، وجهت الاستخبارات اهتمامها إلى العلاقات الخارجية. ووفرت دعما لحكومة طالبان في أفغانستان معتقدة أن ذلك يمنح باكستان عمقا استراتيجيا.

وتشير تقارير إلى أن عناصر وكالة الاستخبارات واصلوا تحالفهم مع طالبان والقاعدة حتى الوقت الحالي، على أساس الافتراض المنطقي ذاته، حتى لو أن الأمر يعني دعم المتعصبين. وهو افتراض لا نتفق معه لا أنا ولا حزبي. ونحن نعتقد انه من الضروري لباكستان أن تدعم الديمقراطية في أفغانستان لأننا نثق بالديمقراطية.

اشعر بالفخر أنني حصلت على درجات علمية من جامعتي هارفارد وأكسفورد. وعلى الرغم من أنني مسلمة ملتزمة بعمق بتعاليم الدين، فقد نشأت على احترام وتقدير ما هو متميز في التقاليد الغربية في الحرية والحقوق المتساوية للجميع والديمقراطية وحرية الصحافة، وتمتع النساء والرجال على حد سواء بالفرص الاقتصادية والأمن الشخصي.

فاز حزبي (حزب الشعب الباكستاني) بغالبية الأصوات في آخر انتخابات أجريت في باكستان في أكتوبر 2002 على الرغم من إنني لم استطع العودة والمشاركة في الحملة بوصفي زعيمة للحزب. ندرك أيضا أن حزب دكتاتورية مشرّف سرق الكثير من أصواتنا في انتخابات عام 2002.

سأنافس في انتخابات هذا العام، وآمل في أن تحمل الولايات المتحدة الدكتاتورية العسكرية الحالية في باكستان على إجراء انتخابات حرة ونزيهة، يسمح فيها لكل الأحزاب والشخصيات بالمشاركة، بمن في ذلك شخصي ورئيس الوزراء السابق نواز شريف. أتمنى أن أستطيع العودة إلى باكستان دون أن أتعرض للاعتقال بتهم ملفقة، بغرض إضعاف المعارضة لمصلحة المجموعة التي عاد في عهدها نشاط حركة طالبان مجددا.

السلام مع الهند يحتل مساحة كبيرة من البرنامج الذي عرضناه على الباكستانيين. نحن قادرون على تحقيق السلام مع الحكومة الهندية. فقد ظللت على معرفة بسونيا غاندي، رئيسة حزب المؤتمر الهندي الحاكم، على مدى ما يزيد على عشرين عاما. إذ كنت وزوجها الراحل رئيسي حكومة في الهند وباكستان أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي، وتبادلنا الآراء ووجهات النظر عبر السنوات. سونيا غاندي ورئيس الوزراء، مانموث سينغ، يرغبان في تحقيق السلام مع باكستان، أي أن الرغبة نابعة من الحزبين. التقيت رئيس الوزراء السابق آتال بيهاري فاجبايي وأعضاء حزبه، باهارتيا جاناتا.

بمجرد تحقيق السلام مع الهند سيصبح بوسع بلدينا تولي مهمة تحسين أوضاع حياة شعبينا في جنوب آسيا. فالعالم علّمنا أن السبيل إلى زيادة الازدهار هو تحقيق السلام مع الجيران. كنت مع والدي الراحل، ذو الفقار علي بوتو، في سيلما عام 1972 عندما وقّع ورئيسة الحكومة الهندية الراحلة انديرا غاندي اتفاق السلام الوحيد بين الهند وباكستان. أستطيع الآن وسونيا غاندي التوصل إلى سلام بين بلدينا وسنفعل.

مع السلام مع الهند وأفغانستان ستأتي الحاجة إلى الاستثمار الأجنبي في باكستان، إذ أن هناك فرصا كثيرة للاستثمارات المربحة في البلاد، بما في ذلك مجال الطاقة والصادرات الزراعية. وسيدرك العالم انه من الأسهل الاستثمار في ظل حكومة ديمقراطية ومستقرة في الكثير من القطاعات والمشاريع في باكستان، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى توفير الكثير من الوظائف وازدياد معدلات النمو الاقتصادي.

باكستان في طريقها إلى أن تصبح بوابة لمنطقة آسيا الوسطى الغنية بالموارد. إذا حققنا السلام في أفغانستان فإن ذلك سيمكن دول آسيا الوسطى من إيجاد منفذ اقتصادي مباشر وآمن إلى أسواق العالم. وبوسع الهند وباكستان استغلال النفط والغاز في دول الجوار إلى الشمال الغربي من باكستان. نحن في حاجة إلى شوارع وطرق سكك حديدية ووسائل نقل واتصالات سهلة، للمساعدة في نقل المنتجات إلى الأسواق العالمية، ولنقل المنتجات العالمية إلى أسواق آسيا الوسطى. يجب أن نقود هذا المشروع نسبة للفائدة الكبيرة التي سيحققها. ومن الممكن أن يصبح ميناء غاودار بوابة إلى آسيا الوسطى، ويجب أن نجعل من ذلك أولوية وطنية وإقليمية ودولية.

السلام أمر أساسي في جنوب آسيا لأنه سيؤدي إلى نشاط منتج، والى نمو اقتصادات كل الدول المشاركة، كما سيفتح مصادر جديدة للطاقة.

* خدمة «غلوبال فيو بوينت» خاص بـ «الشرق الاوسط»