يوم المرأة: حتى لا تغرق القضية في فخ الابتذال!

TT

غالباً ما يتم تحويل قضايا محقّة إلى مادة احتفالية فلكلورية.

الأسبوع المنصرم، كان أسبوع الاحتفالات بيوم المرأة العالمي. وتحت هذا الشعار أغرقت النساء بمعلومات وحقائق عن حقوقهن وواقعهن الذي تدلّ الأرقام والوقائع اليومية التي نعيشها أنه ما زال متردياً وأن تحسناً جذرياً لم يطرأ عليه بعد. فما زالت النساء ضحايا التمييز والعنف في مختلف قارات الأرض. ولا يفوتنا كيف باتت المرأة في بعض المناطق المأزومة في الدول العربية ضحية للنزاعات وأحيانا هدفاً مباشراً فيها.

تحوّل يوم المرأة العالمي إلى محطة لاستحضار المزيد من الحقائق المفجعة ولكن بشكل سريع وعابر من خلال ندوات واجتماعات وحلقات نقاش. وطبعاً كان للقضية نصيب لا بأس به من اهتمام الصحافة والإعلام على قاعدة الاستذكار العابر وليس التوقف جدياً عند واقع تعانيه مجتمعاتنا.

امرأة من بين خمس يمارس عنف بحقهن.

لمنطقتنا حصة لا بأس بها من هذا الواقع.

صحيح أن التطرق لقضايا العنف بحق المرأة ليس بالأمر الجديد في الإعلام العربي وقد ساهمت بعض المحاولات في كسر جدار الصمت حول العنف العائلي والتمييز بحق المرأة. لكن تناول هذه القضايا لم يستطع النفاذ إلى ما وراء الخطابات المتشنجة وفوضى الغرائز.

باتت قضايا المرأة عنوانا يستغلّ لافتعال الإثارة.

يميل إعلامنا أو سواده الأعظم إلى ممالأة جمهور في قضايا هي في صلب غرائزه ورهابه.

لا شك أن تغليب الوجه الاحتفالي على يوم المرأة العالمي أفرغه من مضامينه وجعل من هذه المناسبة أقرب إلى عيد منها محطة للتأمل في أوضاع المرأة والأزمات التي تواجهها سواء في العالم أو في منطقتنا.

الإعلام كرّس هذا الميل الاحتفالي عبر إهماله الكثير من المعطيات التي تؤشر إلى تردي أوضاع المرأة. إنها الضحية الأولى في الأزمات لحظة اندلاعها وهي المتلقية لنتائجها المباشرة وغير المباشرة.

المرأة تغتصب عندما تريد جماعة الانتقام من جماعة أخرى. والمرأة تعنف في مجتمعات الرجال (مجتمعاتنا) والأرقام تعكس تردياً في أوضاعها على مختلف المستويات في معظم أصقاع الأرض.

وحتى لا نغرق في الكلام العام، يمكن التوقف عند حالة بعينها، فمثلاً لنأخذ وضع النساء داخل المجتمع الفلسطيني في غزة والضفة الغربية. فالأرقام تتحدث عن ارتفاع هائل في حجم العنف الممارس على النساء سواء من داخل محيط العائلة أو خارجها. عنف يصل في أحيان إلى القتل في ظل اعتراف السلطة الفلسطينية بعجزها عن معالجة الأمر. إنها قضية خطيرة ومتفاقمة لكنها لم تشغل حيزاً فعلياً في تناولات الصحافة والإعلام.

قد يردّ سريعاً على هذا الكلام بأن الأولوية هي في تغطية المواجهة مع اسرائيل. صحيح أن القوات الاسرائيلية كرست ممارسات عنيفة بحق الفلسطينين نساءً ورجالاً وأطفالاً وهو أمر تتناوله وسائل الإعلام عن حق. فكيف لنا أن ننسى العدد الهائل من النساء الفلسطينيات الحوامل اللواتي إما أنجبن على حواجز اسرائيلية أو فقدن حياتهن عندها.

لكن الانشغال بالنزاع مع اسرائيل لا يعني إغفال ما نرتكبه نحن من عنف ولا يبرره. وأن يركزّ الإعلام على قسوة مجتمعاتنا والممارسات الشاذة المرتكبة بحق النساء لن يدفعنا لأن نضلّ الطريق عن صراعات كبرى أخرى.

diana@ asharqalawsat.com