هل تدري ماذا يفعلون في بغداد؟

TT

غريبة اليوم أخبار العراق، فإنهم يتحاورون، صحيح أن القتل مستمر والبغضاء في قعرها وذروتها، لكنهم يتحاورون. وثمة انفراجات في الجوار أيضا ندعو لها بطول البقاء. فقد قررت أوروبا إعادة الحوار مع دمشق والسنيور سولانا على الطريق إليها، مع انه قبل أيام قليلة كان يقول لا سفر ولا خبر. وفي بيروت رفعت الحواجز وتوالت لقاءات نبيه بري وسعد الحريري والآتي أفرح. ويجب أن نعود إلى بيان جيمس بيكر ـ لي هاملتون لنعرف أن الحوار في العراق قرار غير حديث. وعندما قال جورج بوش الابن انه يرفض توصيات بيكر ـ هاملتون لم اصدق ذلك كثيرا، لان جيمس بيكر ليس صبيا من صبيان الحارة، قرر أن يشكل لجنة بدل أن يؤلف فريقا لكرة القدم.

ولكي نعرف لماذا هناك حوار في بغداد علينا أن نعرف من خرج من البيت الأبيض والإدارة الأميركية ومن بقي. وكان أول الخارجين (بالأمان يا مولانا) دونالد رامسفيلد، الذي كان قد اخرج كولن باول. وكان ثانيهم جون بولتون ذو الشاربين الوسطيين (نسبة إلى القرون الوسطى) وبقيت الحمامة الزاجلة كوندي تنوح على أذن معلمها مثل حمامة أبي فراس الحمداني، وتقول له، لا حل يا مولاي إلا حول طاولة مستديرة أو مستطيلة أو مربعة. لكن دعنا نجرب هذه الصيغة بعد أربعة أعوام من رافعي (تدليع رامسفيلد) وبريمر ومفككي العراق وسارقي متاحفه ورجال السوق السوداء.

وقف جورج بوش مثل وقفة لوكي لوتشيانو، الملاكم الاميركي الأسطوري، بعد مقتل احمد الخلايلة المشهور بالزرقاوي. وعقد مؤتمرا صحافيا عاجلا بعد إعدام صدام حسين. وهدد بإبعاد المالكي إن هو لم يحسن سلوكه ويضبط الأمن ويخفض عدد القتلى من 200 إلى 180 في اليوم. وفي كل يوم كنا ندرك كم أن أميركا لا تعرف العراق. ونتذكر المستر بريمر، الذي جاء بحذاء التنس معطوفا على ربطة عنق على جهل مطلق مطبق بالبلد الذي قدم إليه.

إنهم أخيرا يتحاورون في بغداد. وكانت أميركا قد بدأت حوارها مع صين ماو تسي تونغ في مباراة لكرة الطاولة. وقد يكون حوار بغداد مدخلا إلى الحوار مع إيران. وقد يكون سفر السنيور سولانا إلى دمشق جزءا من «الصفقة الدولية العربية الإقليمية»، التي تحدث عنها يوم الجمعة الماضي السيد محمد حسين فضل الله في خطبة مكتوبة، خلافا لعادته في الارتجال البليغ والمباسطة مع المصلين. وفي أي حال، إنهم يتحاورون في بغداد.