يحبون عمرو موسى

TT

الجامعة العربية ليست مخولة حل النزاعات العربية او الاقليمية، لكن المطلوب منها دائماً ان تسعى الى الحلول. والمطلوب من الأمين العام ان يكون رجلا موضوعياً مهما كانت مشاعره أو مواقفه. وقد تفاوتت واختلفت شخصية الامناء، وتفاوتت واختلفت نتائج اعمالهم. وكان عبد الخالق حسونة رجلاً اريستوقراطياً مؤدباً ينتمي الى المدرسة الكلاسيكية في تناول القضايا. وجاء محمود رياض القادم من حلقة «الضباط الأحرار» فخرج بالجامعة من حيادها المفترض وبدا من كلامه وكأنه طرف في معظم القضايا التي أوكلت اليه. او هكذا بدا لنا مما ترك من مذكرات على الأقل. وعندما انتقلت الجامعة الى تونس مع الشاذلي القليبي فقدت ثقل مصر وكسبت ضعف تونس وديبلوماسيتها، وثقافة القليبي ودماثته الفائقة ثم عادت الى مصر والدكتور عصمت عبد المجيد. وعندما اوكلت الى الدكتور عمرو موسى خشي كثيرون ان تكون الخارجية المصرية قد فقدته وان الجامعة المتعثرة لم تكسبه. لكن عمرو موسى بعث شيئاً كبيراً من الحيوية في المؤسسة. واعاد لها الكثير من الحضور وعثر لها دائماً على دور بدل ذلك الغياب الذي كان مسيطرا عليها. ولم يستطع ان يعدل الكثير في هيكلية الجامعة. فهي لا تزال في معظمها ارثاً بيروقراطياً وملجأ محسوبيات، لا يشبه اطلاقاً طباع وشخصية الامين العام.

ولم يستطع عمرو موسى في مراحل معينة تجنب الخصومات، لكنه لم يفقد في اي مرحلة شيئاً من الاحترام. ويتحول الاحترام لدى العامة الى اعجاب بالرجل وحيويته ومواقفه في الشأن القومي. وقد عبر المصريون عن هذا الاعجاب في الهتاف له خلال مباريات كرة القدم، او في فرض شعبان عبد الرحيم على الفن لمجرد انه غنى «باحب عمرو موسى وباكره اسرائيل».

كان محمود رياض في سورية لدى حدوث الانفصال الشهير. وحمل في نفسه حدة تلك الخيبة الى وزارة الخارجية المصرية، لكنه نقلها معه إلى الأمانة العامة أيضاً. وثمة خيط رفيع بين ان يكون الأمين العام لا لون ولا طعم ولا رائحة له، وبين ان يكون غضباً متنقلاً في قضايا شائكة ونزاعات مزمنة. وهذا الفرق هو ميزة عمرو موسى الذي جاء الى الديبلوماسية المصرية من المدرسة المدنية، مروراً بالأمم المتحدة. ويناديه سفراء الجامعة وموظفوها «الدكتور عمرو» كانوا ينادون محمود رياض الآتي من ثكنة ضباط الثورة «الباشا» وغالباً «سعادة الباشا».