مسلسل واشنطن بغداد: حتى لا يعربد بنا بوش

TT

مضى على سياسة الرئيس بوش بزيادة القوات في العراق حوالي الشهر حتى الآن، وهناك شيء واحد فقط يمكن للمرء قوله، بالتأكيد، بشأنها، وهو أنه وأيا كان ما يتعين على الكونغرس أو الجيش أو الرأي العام قوله أو فعله، فإنها تمضي قدما. فالرئيس يتمتع بسلطة القيام بذلك ويملك قرار النقض لمنع أي إنسان من إيقافه. وبالتالي فان هناك موقفا واحدا يمتلكه المرء بشأن زيادة القوات، وهو الأمل في أن تنجح في أهدافها. ولكن السؤال هنا: هل يعني هذا أن على الديمقراطيين في الكونغرس، ممن يحاولون أن يوقفوا الحرب ويفرضوا جدولا زمنيا، أن يأخذوا النصيحة من النقاد ويسكتوا ويدعوا زيادة القوات تمضي في سبيلها ؟

كلا، فالأمر على العكس: بوسعي أن أجادل بأنه للمرة الأولى لدينا، بالمصادفة في السياسة، ذلك النوع من الثلاثي المتوازن، الذي لو أننا مارسناه قبل أربع سنوات لكان قد أبعدنا عن الفوضى التي نواجهها اليوم. انها ترويكا بيلوسي ـ بتراوس ـ بوش.

وآمل أن يواصل الديمقراطيون بقيادة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، الضغط لتحديد جدول زمني للانسحاب من العراق، لأنهم يوفرون خدمتين وطنيتين أخفق الجمهوريون في توفيرهما في السنوات الأربع الماضية: الأولى انضباط السياسة. فلو أن الجمهوريين كانوا قد قضوا السنوات الأربع الماضية في التدقيق المتكرر لعبارات رامسفيلد الجاهلة وتوجيه المسؤولية إلى البيت الأبيض عن الإخفاقات في العراق، لكنا قد فعلنا زيادة القوات عام 2003، عندما كان واضحا أنه لم يكن لدينا ما يكفي من القوات على الأرض، بدلا من أن نفعل ذلك عام 2007، حيث تعتبر فرص النجاح شحيحة إلى حد كبير.

وبسبب أن الديمقراطيين يسيطرون على مجلس النواب والشيوخ وبسبب أن كثيرا من المحافظين كانوا يجلسون في صمت خلال السنوات الأربع الماضية، تمكنت الإدارة بسهولة أن تتجاهل نقادها وتمارس سياسات فاشلة في العراق. وارتباطا بعودة الديمقراطيين إلى السيطرة على الكونغرس لم يعد ذلك ممكنا. والوظيفة الأخرى النافعة التي تؤديها رئيسة المجلس بيلوسي وزملاؤها هي منح الرئيس والجنرال ديفيد بتراوس، قائدنا في العراق، مزية موعد نهائي بدون موعد نهائي رسمي. كيف ذلك ؟ زيادة القوات لا يمكن أن تفعل فعلها بدون مصالحة سياسية بين الأطراف العراقية، تعني مفاوضات سنية ـ شيعية، ومثل هذه المفاوضات لا يحتمل ان تفعل فعلها بدون أن تمتلك أميركا «مزية» إبلاغ الأطراف بأنهم إذا لم يتعلموا فنون المساومة فإننا سنغادر (المواعيد النهائية ذات أهمية. وفي بعض المراحل يتعين على العراقيين أن يحددوا ذلك بأنفسهم).

لا فكرة لدي ما إذا كانت الاستراتيجية العسكرية لبتراوس صحيحة، ولكن على الأقل لديه استراتيجية، إذ قال انه بنهاية «آخر فصل الصيف» سندرك ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ناجحة أم لا. فقد قال بتراوس في لقاء له مع هيئة الإذاعة البريطانية الأسبوع الماضي: «لدي التزام أمام أفراد القوات هناك يتلخص في انه إذا اعتقدت أن ذلك لن يحدث فعلي أن ابلغهم بأنه لن يحدث وان هناك حاجة إلى إجراء تغيير».

نريد أن نشجع بتراوس على تحقيق النجاح وان نجعله مسؤولا عن التصريح الذي أدلى به إذا لم يحقق هذا النجاح، ليس فقط من أجل الجنود العاملين هناك، ولكن كي لا نسمح لجورج بوش بتطويل أمد الحرب حتى نهاية ولايته، ثم يتركها لمن يخلفه.

ولكن كيف يحكم بتراوس او الكونغرس على مدى نجاح زيادة القوات في العراق؟ ربما يكون الأمر واضحا وربما لا يكون كذلك. إذ سيتطلب الأمر على الأرجح نظرة إلى ما هو ابعد من مجرد الهدوء الظاهري في أي حي سكني عراقي، فضلا عن محاولة العثور على إجابة على السؤال: ماذا سيحدث في العراق عقب مغادرة القوات الاميركية؟ يجب أن نتذكر أن أي عدد كاف من القوات الاميركية يمكن أن يهدئ العنف في أي حي عراقي لفترة، إلا أن الاختبار الحقيقي يكمن في ما إذا كانت هناك قوات عراقية يمكنها الاعتماد على نفسها في ظل وجود إجماع سياسي يستمر حتى بعد مغادرة القوات الاميركية.

وسؤال آخر: هل هدأت الأحياء السكنية الشيعية نتيجة للمصالحة، أم نتيجة لتراجع قواتها لكي تستطيع أميركا التركيز على توجيه ضربة للسنّة ـ أي خوض الحرب الأهلية نيابة عن الشيعة على نحو يمكن الشيعة من السيطرة بصورة أكثر سهولة عقب مغادرة القوات الاميركية؟

الجلوس على البركان أمر تصعب معه معرفة ما يجري داخل باطن الأرض، أو ما سيجري عند مغادرة المكان. إلا أن هذه هي القرارات التي ربما يتعين علينا اتخاذها قريبا. وفي نفس الوقت، ما دام بوش سيظل هو بوش، فلندع بيلوسي تظل بيلوسي وبتراوس ان يظل بتراوس، ونأمل في أن يحدث ما هو أفضل. أما الآن، فليس لدينا خيارات كثيرة.

* خدمة «نيويورك تايمز»