جاءت تطلب العلم

TT

في مؤتمر الأدباء الذي انعقد في دمشق ثم في بلودان. تبارى الشعراء، ولكن الذي استولى علينا بالضحك هو الزعيم اليمني محمد أحمد النعمان. فكان لا يكف عن الهجوم على الملك اليمني أحمد حميد الدين. وكان يمنعه الأستاذ يوسف السباعي ويرجوه ألا يحرجنا مع الإمام أحمد. ولكن النعمان كان يتحايل ويجد أسبابا عجيبة لمواصلة الهجوم عليه..

وكان رجلا ساخرا وله ابتسامة فولتير وسخرية طه حسين وبطرس غالي وخبث علي ماهر باشا. فمثلا يقول: كان في اليمن ستة من القراء قتل خمسة ولم يبق سواي!

ولما هدده يوسف السباعي أن يمنعه من الكلام كان يقول: لا داعي لأن أقول.. يقول شاعرنا الزبيري: مشانق علقت..

ويمنعونه من إكمال القصيدة. ويرد النعمان قائلا: يا سيدي إنها تقاليدنا في اليمن.. فنحن لا نبدأ بالغزل والحديث عن الأطلال وإنما بالمشانق. وكان الأستاذ النعمان يرتدي الجبة والقفطان في ذلك الوقت. وظهرت شاعرة سورية جميلة. فعلا جميلة وصوتها أيضا. وألقت قصيدة لا أذكر منها شيئا الآن.. واقترب مني الأستاذ النعمان: ما هذه؟ ما حاجتها الى قول الشعر.. إنها قصيدة. ولا داعي لأن تلقي قصيدة.. سبحان الله هذه قصيدة تلقي قصيدة. فأين تذهب عقولنا بعد ذلك؟!

ومنذ أيام وأنا أقلب في مذكرات قديمة. سجلت حوارا مع الأستاذ النعمان قال: يا أخي من فضل الله عليكم أيها المصريون أن لديكم ام كلثوم وعبد الوهاب ومن لطف الله عليكم أن تحية كاريوكا لا تقول الشعر وأن زينات علوي لا تغني.. وان لديكم النيل العظيم.. من شاء شرب حتى ارتوى ومن شاء غرق حتى مات..

ومما قاله الأستاذ النعمان: لو كنت مصريا لكفرت بسورية.. ولو كنت سوريا لكفرت بلبنان. ولو كنت لبنانيا لكفرت بسورية ومصر واليمن..

لماذا؟ لم أسأله. وهو لم يقل. وتمنيت لو انه شرح لي كل هذه الفوازير..

وفي مذكراتي أيضا: أنني زرته في فندق شبرد. وفجأة خرجت سيدة شقراء جميلة. والتفت أسأل. ولكنه لم يجب. وعندما ودعته قال لي: الإجابة عن سؤالك الذي لم تعلنه.. أن هذه السيدة الجميلة جاءت تطلب العلم؟!