بل أنت لا الدهر!

TT

عندنا تعبير يقول: هذا بيت القصيد.. أو بيت القصيدة.. أي أجمل أبياتها.. أو المعنى من هذه القصيدة. ولكن لاحظت أنني أعرف عددا كبيرا من (نصف بيت القصيد). وقد أجهدت ذاكرتي لكي أعرف صدر البيت. وفي أحيان كثيرة لم أعرف. وانشغلت عن نصف البيت الذي أعرفه والذي لا أعرفه..

فلا أنسى شاعرة سورية ـ ربما كانت هي عزيزة هارون ـ قالت قصيدة جميلة في مؤتمر الأدباء. ولكن هزني وضربني في دماغي نصف بيت لها يقول: تفوحين عطرا وشيئا حرام!

يا بنت الإيه! كيف وجدت هذا المعنى وكيف استطعت تكثيف كل المعاني في خمس كلمات!

وأحفظ للشاعر بلدياتي علي محمود طه الكثير من الأبيات ونصف بيت في قصيدة يتغزل في تمثال فتاة جميلة أو لفينوس لا أعرف يقول: بنهدين كأنما يرضعان القمر!

الله عليك! وانشغلت ولم أبحث عن صدر هذا البيت، ووجدت أن هذا القليل من الكلمات يساوي دواوين من الشعر. وحفظت لأبي فراس الحمداني من قصيدة «أراك عصي الدمع» من غناء أم كلثوم وتلحين السنباطي نصف بيت أيضا:

قلت: معاذ الله بل أنت لا الدهر!

وبعد سنوات عرفت البيت كله:

قالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا

فقلت: معاذ الله بل أنت لا الدهر!

الله ما أجملك.. ما أروعك!

وعرفت نصف بيت قديم. ولم أحاول أن أعرف البيت كله:

وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر

والمعنى أن العجوز مهما اصطنعت من حيل التجميل فلا فائدة من ذلك. فالدهر قد قهر شبابها وجمالها!

وأحفظ نصف بيت قرأته في قصيدة لوالدي يرحمه الله.. ولا أعرف إن كان من نظمه أو أنه لغيره:

كأنني مصحف في بيت زنديق!

ونصف بيت آخر لقصيدة لوالدي يصف فيها من رأى الهلال فراح يقبل يده وجها لبطن كعادة المصريين:

رأى الهلال فحياه بغير فم

أحلى التحيات أخلاها من الكلم

كأنه عابد في ربي صنم!

وغير ذلك كثير!