خارج المألوف عربيا

TT

لا أحد يشك في ان قمة الرياض كانت أكثر القمم عملية، ليس لأنها فعلت مبادرة السلام التي قد تقود الى نهاية الكابوس الفلسطيني والصراع الأعظم في المنطقة، أو لانها فكت الخطر عن السودان الذي بات واثقا انه اكثر بلدان العرب تعرضا للغزو وتغيير نظامه بقرار دولي بسبب مأساة دارفور، بل لأن الكثير من القضايا المهملة فتحت والعلاقات المكسورة اصلحت او على الأقل طببت.

كان حضور الرئيس العراقي جلال طالباني مهماً لأن كثيرين ظنوا انه انتهى بسبب الأزمة الصحية الخطيرة التي داهمته. طالباني غالب نفسه وشارك في القمة والقى كلمة شعبه وقال: انا هنا، رغم المرض والاقتتال والنزاعات الداخلية والتدخلات الخارجية. أيضا كان وقوف الشيخة هيا آل خليفة، كأول إمرأة في جمع رجال العرب، حدثا تاريخيا جديدا. فهي التي صوت عليها مندوبو دول العالم بالإجماع لتترأس دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الحالية والآن تمثل المجتمع الدولي في القمة العربية. أيضا قدوم أمير قطر رغم ان كثيرين ظنوا انه لن يفعلها بسبب الحملة التي شنتها ضد السعودية الى قبل ليلة واحدة من عقد القمة. ورغم ما في الصدور من عتب وغضب إلا ان الطرفين تعاملا معا كقمة للجميع.

وخارج المألوف تميزت القمة بمشاركة الرئيس الموريتاني الرئيس العسكري المنتهية ولايته العقيد علي ولد محمد فال كثاني زعيم عربي يسلم السلطة طواعية في نصف قرن، بعد ان عودنا القادة على انها ملك عضوض. وفي ظني أنه كان يستحق ان يمنح تقديرا خاصا في القمة على الانتخابات الرائعة التي سمح بها في بلاده. وفي ظني أيضا كان يستحق ان يسمح له ان يلقي موعظة في الرؤساء العرب حول دعاوى الانتخاب والديموقراطية التي طالما شوهوها. الا ان احد الزملاء قال لي انه يشعر بان بعض القادة العرب احسوا بانه شوه سمعة الزعيم العربي، الفارس الذي لا يترجل عن حكمه.

وكان جيدا ان نرى معالجة القضايا التي تبدو صغيرة، مثل قضية مناشدة الشركات الفرنسية التخلي عن بناء مترو القدس لأنه على ارض محتلة، ومناشدة الحكومات العربية افتتاح سفاراتها في بغداد، لكنني لاحظت ان القرارات الختامية للقمة شطبت اسم سفير الجامعة العربية مختار لماني الذي استقال من منصبه في بغداد، بعد ان ذُكر في مسودة القرار ووجه له شكر خاص على العمل الذي أداه. واعتقد انه يستحق الشكر على ما قام به لأنه استقال غيرة على العمل واحتجاجا على اللامبالاة العربية تجاه العراق، كان يجدر الابقاء على تلك اللفتة الطيبة، لكن سامح الله من شطب تلك الفقرة.

[email protected]