ثرثرة فوق «النهر الصناعي العظيم»

TT

مطالبة الرئيس العقيد الأخ الفاتح قائد الثورة اللذيذ الرايق معمر القذافي بإعادة إطلاق دولة الخلافة الفاطمية، وتبني العالم الإسلامي المذهب الشيعي نصرة لآل البيت، فيها بعض الأخطاء «الفنية» وتحتاج لدقة أكثر. فبداية الدولة الفاطمية كان مذهبها الأساسي والمعلن هو المذهب الإسماعيلي أحد المذاهب الباطنية، التي برزت فيها حركة «الحشاشين» بقيادة حسن الصباح الذي كان يعتمد على تدخين جنوده لنبتة الحشيشة المذهبة للعقل، حتى يتمكنوا من القتال و«الجهاد» (واعتقد أن هذا ممكن أن يوصف «بمزاجية» الجهاد!).

أما الاعتقاد بأن التشيع واتباع المذهب فيهما نصرة لآل البيت، فهذا القول مردود عليه، لأن هناك مئات الآلاف من آل البيت يتبعون المذهب السني. وليت الأمر اقتصر على ذلك، فهو استمر في «شطحاته» و«تجلياته» ليضيف قائلا: «إن المدينة المنورة، على ساكنها أفضل صلاة وأزكى تسليم، ليست حرما» وطبعا نال ما نال من العلماء العقال لدحض هذا الهراء. المشكلة أن كل هذه الثرثرة محسوبة على العالم العربي وأفراده، فهذا اجتهاد شخصي لا يقبع خلفه لا محافظون جدد ولا قدامى ولا يمين متطرف ولا يسار (مهستر!)، فهذه بضاعة جاهزة ذاتية الصنع جمعت بكل فخر واعتزاز في الجماهيرية لتوزع في أفريقيا والهنود الحمر والخمير الحمر ولكل محبي الحشيش. إن كل من شاهد وتابع أحاديث الزعيم الليبي الأشهر (بعد أن يدرك أن القماش يوزع مجانا في ليبيا وأن مهنة حلاقة الشعر ممنوعة)، يدرك أيضا أن الناس أصبحت تحت تأثير «بنج» كلي، فلم تعد تفرق ما بين النكات والطرائف وما بين التصريحات السياسية والآراء الدينية الصادرة منه.

خطابان متناقضان صدرا في وقت واحد، خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يفند وضع العرب، ويضع خطة عمل لعلاج أهم القضايا والملفات العالقة، وخطاب الزعيم الليبي يسحب أنفاسا من «الرأس» المعمر بالإنكار والخواطر التي تصلح للمسارح التجريدية واللوحات السوريالية وليس للسياسة والدين والاقتصاد. ليبيا الدولة التي تحولت لمعمل تجارب لأهواء ومزاج الزعيم الملهم، وبات أهلها في حيرة من أمرهم على أي لون سيستيقظون، وعلى أي موجة سيركبون، فمن وحدة عربية إلى اتحاد أفريقي.. ومن أمريكا العدو إلى أمريكا وبس.. ومن إسلام إلى إسلام تمت «قذفذته».. وما خفي كان أعظم. لا مانع أن يكون كل ما حدث هو نتاج أفكار عادل إمام أو داود حسين أو دريد لحام أو حسين عبد الرضا أو ناصر القصبي، أو حتى شعبان عبد الرحيم، ولكن أن يكون هذا نتاج نظام عربي ورئيس عربي فهنا تكمن المشكلة ويكون العيب. ليبيا قررت مقاطعة العرب واجتماعاتهم، أعتقد على العرب أن يعيدوا النظر في وضع ليبيا معهم، فوجود نظام كهذا معهم يعيبهم ولا يرفعهم. أما عن مطالبة الزعيم الليبي بإعادة الخلافة الفاطمية، فاقترح عليه أن يطلق دولة الحشاشين وأن تكون عاصمتها «الباطنية»، أما الزعيم فهو جاهز !

[email protected]