الحذاء في الشبكة!

TT

كنت أتضايق ـ وما زلت ـ إذا ذهبت إلى الترزي أو محلات الأحذية. فلا بد أن أقيس الجاكت والبنطلون والحذاء.. ثم إنني لا أريد شيئا من ذلك، فما عندي يكفي. ولكن أبي يريد أن يكافئني لأنني نجحت وكان ترتيبي الأول، فكنت أقول إنني لست في حاجة إلى ذلك.. والحقيقة أنني في حاجة ولكنني أضيق وأخجل.

وكنت أرتدي ملابس إخوتي الأكبر مني، وكانت أمي تتولى تقصيرها حتى تكون مناسبة. ولا أجد في ذلك حرجا.. وفي نفس الوقت لا أنظر إلى زملائي وماذا يرتدون وكيف أنهم يتأنقون بالطربوش والكرافتة ـ ولا أذكر أنني وضعتها إلا نادرا حتى اليوم.

ولم أسأل نفسي لماذا هم كذلك، وأنا على ما أنا عليه. فأنا مشغول تماما بأن أكون الأول ـ وقد كنت في جميع مراحل التعليم حتى الليسانس. ودهشتي لا تنتهي عندما أجد زملائي يحكون مغامرات مع البنات.. ولا أعرف معنى مغامرة.

ولا أعرف كيف تنتقل وتتطور العلاقة من نظرة. فقد لاحظت البنات ينظرن لي ويقلن كلاما ويضحكن. ولم أعرف.. ولا جرؤت أن اسأل أمي.. ثم إنهم يدخنون أيضا..

وفي يوم وجدت التلاميذ يضحكون ويتصارعون؛ واحد قال: إيه ده أنت لابس مركب!

وأشار إلى حذائي أنه كبير بصورة واضحة. ولكني لم ألاحظ ذلك. إنه حذاء أخي الأكبر. وتضايقت بعض الوقت.. ولكن لم أخلعه.

فقط يوم مباراة كرة القدم بين مدرستنا ومدرسة أخرى ولا أعرف موقعي في الفريق.. ولا أظن أن أحدا منا يعرف كيف يلعب ويسدد الكرة نحو المرمى. وجاءتني الكرة وضربتها.

وضحك الناس جميعا؛ فقد انخلع حذائي.. ومن يومها لم أرتد هذه الجزمة ولا أي شيء لإخوتي الأكبر سنا.. وإن كانت كل ضربات كرة القدم بالحذاء.. والغريب أن الحذاء هو الذي دخل الشبكة!