تطرف المغاربة !

TT

رغم ما قد يوحي به العنوان أو قد يستفز بعض المشاعر فانه يعبر عن القلق لا إطلاق الأحكام.

فالمغرب عرف دائما بأنه أكثر البلدان العربية تسامحا، وهي كلمة قالها الراحل الملك الحسن الثاني في لقاء معه عندما سألناه عن رؤيته لما يحدث من تنظيمات متطرفة لجأت إلى العنف في المشرق العربي، وهل يخشى أن تمتد إلى بلاده. قال: الأكيد أنكم تعلمون أن المغاربة أكثر تسامحا من العرب المشارقة، وهذا التسامح هو الحصانة من عنف الفكر.

التسامح المغربي حقيقي بدليل تعايش المسلمين مع اليهود الذي استمر دائما في المغرب رغم ما عصفت بالمنطقة من قلاقل. وتكرر التفسير نفسه بعد أن هزت الدار البيضاء تفجيرات متزامنة نفذها 13 إرهابيا قتلوا 23 شخصا في عام 2003 حيث قيل حينها أن تلك حالة استثنائية لا تستوجب التسرع في الحكم على المغرب. وفي الشهر الماضي وقع اعتداء صغير نسبيا على مقهى للإنترنت، وبالأمس الأول استبقت الشرطة المغربية عمليات تحت التجهيز وداهمت خلية إرهابية من أربعة أشخاص تمكنوا من تفجير أنفسهم في ثلاث عمليات منفصلة.

رغم هذا لا نستطيع أن ندعي بان التطرف لحق المغاربة، أكثر العرب تسامحا، لكن بالتأكيد نرى أن الفكر الإرهابي والإرهابيين دخلوا المغرب ولا بد من الإقرار بذلك. السلطات المحلية شرعت منذ ثلاث سنوات في ملاحقة الفكر المتطرف مباشرة عبر مصادرة الكتب وإغلاق مكتبات ومنع بعض دعاة الكراهية، فان المغرب مع هذا كله، بات ضحية للوباء ولا ندري حجم الإصابة بعد. وقد سمعت رأيا حول الظاهرة المغربية، أي كيف تعرض هذا المجتمع المتسامح للتخريب ومن أين؟ يقول صاحبه ان المغرب يمر بأزمة مقلوبة لأن كثيرا من المتطرفين هم مغاربة أوروبيون وليسوا من أهله المقيمين. ويدعي صاحب الرأي ان كثيرين جاءوا من فرنسا وبريطانيا وهولندا يحملون المرض معهم من مهاجرهم، يدعون للتكفير والتغيير ومواجهة المجتمع بأكمله. ومثل هؤلاء، لكونهم مغاربة أيضا، يجدون قبولا في مساقط رؤوسهم التي اعتادت على احترام كل رأي يأتون به من الخارج المتقدم، وان كان فكرا متخلفا. وقد يبدو غريبا أن المغربي الأوروبي هو من يروج للمغربي المحلي مبدأ التكفير والرفض والإرهاب. إن كان صحيحا فهو يشير الى أزمة المهاجرين في الخارج الذين يعانون من استهداف المتطرفين لهم.

أدرك أن أربعة إرهابيين في الدار البيضاء، المكتظة بسبعة ملايين إنسان، ليسوا مقياسا يعتد به في اصدار الأحكام لكن استمرار ظهور الخلايا والتسلح رغم الملاحقة والمنع تعني أن على المغرب أن يخشى الأسوأ، وهذا ما حدث للعرب المشارقة الذين استهانوا بالمرض في بداياته حتى استفحل.

[email protected]