وحدة الفلسطينيين ضرورة

TT

سيدخل النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي في الغالب مرحلة حاسمة خلال الاسابيع او الاشهر القليلة المقبلة، فقد رسم كل طرف خطوطه على الرمل مما يزيد من مخاطر الحسابات الخاطئة.

الطرف الاسرائيلي، المعروف بتناحراته السياسية المميتة، يبدو الآن متوحدا بصلابة. فما يسمى بـ«حركة السلام» تبخرت ولم يعد لها وجود، كما اصبح حمائم الأمس صقور اليوم. هذه الوحدة التي تبدو لأول وهلة على الأقل وكأنها في صالح خيار الحرب يمكن ان تعطي زخما لاستئناف محادثات السلام. ربما لم ينجح رئيس الوزراء الاسرائيلي آرئيل شارون في تهدئة الغضب الاسرائيلي غداة هجوم تل ابيب الانتحاري لولا درجة الاجماع الواضحة داخل المؤسسة الحاكمة في اسرائيل.

من الضروري ان تكون هناك وحدة مماثلة من جانب الطرف الفلسطيني، ذلك ان ادنى مؤشر للنزاع سيؤدي الى اضعاف الموقف الفلسطيني سواء كان الأمر متعلقا بالتحضير للحرب او بالعودة لعملية السلام.

ليس هذا هو الوقت لتصفية الحسابات او انتقاد قيادة تواجه اصعب اختبار لارادتها وقدراتها، فأي انتهاك باسم الخلافات الايدولوجية والسياسية في هذا الوقت بالذات يعتبر خطأ استراتيجيا له عواقب وخيمة على الشعب الفلسطيني بكامله.

التوحد في جبهة متماسكة سيمكن الفلسطينيين من تقديم السلام من موقف قوة وكرامة ومواصلة المقاومة على اساس أكثر واقعية اذا رفضت اسرائيل العرض الفلسطيني.

طبقا للاوضاع الراهنة فان الرأي العام العالمي في معظمه مؤيد للجانب الفلسطيني، فاحتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية ومحاولاتها لضم اراض واسعة اخرى لم يجد أي تعاطف حتى من الدول المعروفة بتعاطفها التقليدي مع اسرائيل. الشقاق الداخلي بين الفلسطينيين، مهما كانت اسبابه، يمكن ان ينسف الرصيد الكبير من حسن النوايا الذي تكون وتراكم عبر السنوات.

بالنسبة لاولئك المكتوين بنيران وآلام الاحتلال على مدى عقود، تبدو لعبة الدبلوماسية اجراء بطيئا ومؤلما. فالذين يعانون بصورة مباشرة يتعاطفون طبيعيا مع أكثر الشعارات راديكالية، غير ان الفلسطينيين اليوم في حاجة الى ما هو أكثر من مجرد الشعارات. انهم في حاجة الى كل ما يعزز من الصمود والصبر، وفوق كل شيء، الوحدة. القادة الفلسطينيون من الاتجاهات كافة يجب ان يظهروا للعالم انهم يقفون معا مرتكزين على اساس موقف موحد واستراتيجية اكثر تماسكا وانسجاما.