ما بعد نجاح خاتمي

TT

الانتخابات الايرانية هذه المرة باردة، حيث يبدو الرئيس خاتمي وكأنه المرشح الوحيد لرئاسة الجمهورية الاسلامية.

واضح ان اليمين الايراني قد استسلم في معركة الرئاسة، وهو يعرف نتائجها سلفا ولذلك لم يغامر بترشيح احد في مواجهة الاصلاحيين، وظل الرئيس خاتمي المرشح الوحيد تقريبا في الساحة.

تجربة الرئاسة الاولى لخاتمي اثبتت ان اغلبية الايرانيين تدعم برنامجه، ولكنها اثبتت ان الرئيس يمشي في حقل الغام سياسية، وان المحافظين ما زالوا قادرين على وضع العصي في عجلة برنامج خاتمي، بل وايقافه احيانا، ولذلك لم يستطع الرئيس خاتمي تنفيذ وعوده الانفتاحية والاصلاحية الا في حدود ضيقة لا تعكس حجم الاجماع الايراني الكاسح على انتخابه.

خاتمي سيأخذ فرصته الاخيرة من الايرانيين الطامحين الى انفتاح في الداخل والخارج والى برنامج اقتصادي يخفف مشكلات البطالة المزمنة وعجز الميزانية، وضعف قوة الدفع في الاقتصاد الايراني، واذا لم ينجح خاتمي في هذا الاتجاه، فان اليمين الايراني سيكون مرشحا للعودة الى الواجهة مرة اخرى، بل واحكام القبضة على مقدرات ايران واعادة كل المنجزات الى الوراء، وهو ما سيدفع ايران الى حالة قلق سياسي.

اقليميا نجحت السعودية في قيادة هجوم دبلوماسي ناجح تجاه ايران في منطقة الخليج، ولولا مشكلة الجزر، التي تتصلب ايران في التعامل معها، لكانت العلاقات الخليجية الايرانية في وضع مختلف تماما. وايران من جهتها تعاملت مع الانفتاح الخليجي بروح ايجابية وقطعت شوطا في هذا الاتجاه.

دوليا ما زالت اطراف نافذة في الولايات المتحدة تقف ضد تحسين العلاقات الايرانية الاميركية، ويبدو اللوبي الصهيوني قائدا لمثل هذا التوجه، وهو امر ليس في صالح ايران ولا في صالح الولايات المتحدة، وليس في صالح الاستقرار، فهذا التشدد يقوي المحافظين في ايران الذين يرفعون شعارات انعزالية، ويعزل القوى الجديدة والانفتاحية.

امام خاتمي بعد نجاحه فرصة اخرى، والايرانيون ينتظرون منه الكثير. وخاتمي محاصر بين سندان القوى المتطرفة في الداخل، والقوى المتطرفة على المستوى الدولي، ولكن المهم الا يفشل برنامج الاصلاح في ايران، لان هذا قد يؤدي الى عودة القلق والتوتر في منطقة الخليج وربما في الشرق الأوسط.