الأثريون: نباشو القبور!

TT

الأثريون هم نباشو القبور أو نباثو القبور. وعيونهم تحت الأرض. لي أصدقاء أثريون لا يرون من الدنيا إلا ما تحت أقدامهم.. وفرحتهم لا نهائية إذا وجدوا طوبة أو قطعة خشب أو رفات حيوان أو إنسان..

وكانت لي تجارب مع عدد من أصدقائي الأثريين. ولم أشاركهم سعادتهم بما يعثرون عليه. تماما كما أنهم لا يشاركونني تقليب الأوراق وحشد الكتب في رفوف باتساع الجدران..

ولا يمضي وقت طويل حتى تتجه الصحف الى مقبرة فتحت أخيرا. أو سوف تفتح. أو من الضروري فتحها. أما نحن المصريين فقد اعتدنا على مقابر أجدادنا من أول مينا حتى أستاذنا العقاد.

وفي الأسبوع الماضي أعيدت بقايا من رمسيس.. وسوف تعاد بقاياه من أماكن أخرى. وفي فرنسا اكتشف أحد الاطباء أن رفات (جان دارك) عذراء اللورين التي طالبت بطرد الإنجليز من احتلال فرنسا. فأحرقوها بتهمة الشعوذة. وكشف الطبيب الفرنسي أن ما يقال إنه رفات جان دارك ليس إلا بقايا مومياء فرعونية وقد دفنوا معها قطة. ولم يتبق من القطة إلا وركها. فقد كان من عاداتهم في العصور الوسطى أن يحرقوا المرأة الساحرة ومعها قطة سوداء التي هي رمز للشياطين عندما تتحول الى حيوانات.. أما لماذا فعلوا ذلك؟ فلا نعرف.

كما وافقت الكنيسة في بريطانيا على فتح مقبرة سير سايكس السياسي والمفاوض والمستشرق الشهير بعد وفاته بثمانية وثمانين عاما. ولكن لماذا؟ لأن السير سايكس قد توفي أثناء الطاعون الذي اصاب اوروبا وقتل الملايين. أما الطاعون فكان اسمه في ذلك الوقت الإنفلونزا الإسبانية ـ مع أنه لا علاقة مطلقا لإسبانيا بهذا الوباء. بل ربما كان الأميركان والفرنسيون هم أول ضحاياه!

ويؤكد الأطباء أن السير سايكس لا بد أن تكون وفاته بسبب انفلونزا الطيور. ولم يكن أحد يعرف في ذلك الوقت أن الطيور هي السبب. ولكن الأطباء يريدون أن يتحققوا من ذلك. وسوف يجدون جثمان سير سايكس سليما الى حد كبير، فقد دفن في صندوق من الرصاص المنيع. فإذا تأكد الأطباء من أن فيروس انفلونزا الطيور هو الذي اختصر عمر هذه الشخصية السياسية الفذة، فسوف يبحثون عن مصير الفيروسات بعد هذه السنوات الطويلة. كيف عاشت وكيف ماتت وكيف تحولت وتحورت في جسم الإنسان كل هذه الفترة الطويلة.

أحد الأقارب طالب أن يعرف نوع الخاتم الذي في يد السير سايكس اليسرى. فقد أشيع أن الخاتم الثمين قد سرق وظهر في اصبع إحدى السيدات التي كانت على علاقة به. وهو قد نفى هذه العلاقة!

أما أستاذنا العقاد فقد لاحظ بعض مريديه أن هناك علامات حمراء في جبهته. فهل سقط من سريره المنخفض جدا أو أن أحدا أجهز عليه؟! لقد مات العقاد وسره معه تحت التراب الذي لن ينبشه أحد!