حرب اليمن الغامضة!!

TT

لم يعد احد يمكنه أن يقتنع بان ما يدور في جبال صعده اليمنية هو مجرد «تمرد» يقوده أنصار الحوثي. فالتمرد يمكن أن يستمر أياما أو أسابيع، ونحن أمام حرب حقيقية تستمر منذ أكثر من سنتين وذهب ضحيتها مئات بل ربما آلاف الضحايا سواء من أفراد الجيش اليمني أو من المقاتلين المتحصنين في الجبال.

الحكومة اليمنية تعطي إشارات وتقارير غامضة عن الأحداث، فأحيانا يقال انه مجرد تمرد قبلي بقيادة الحوثي وجماعته، مرة يقال أنها حرب هدفها إعادة النظام الملكي إلى اليمن، مرة يقال أن المتمردين تقودهم عناصر من المخابرات الإيرانية وأنهم يطرحون أفكارا شيعية مستوردة من إيران ويقولون بعدم جواز تولي الحكم لغير الهاشميين، ومرة يقال إن ليبيا تقوم بالدور الأساسي عبر احد أبناء الحوثي الموجودين في طرابلس. هناك أسئلة تستحق الإجابة عليها، ومن حق الخائفين على اليمن أن يتساءلوا عن حقيقة استمرار هذه الحرب لسنتين، وعن صعوبة حسم الحرب رغم وجود دولة مركزية في صنعاء وجيش كبير له خبرة في القتال وتصرف عليه الدولة أموالا طائلة، ومن حق الناس أن تعرف الأبعاد الحقيقية لهذا التمرد، والعلاقات الإقليمية لهذه الجماعات المقاتلة، والآيديولوجية التي يرفعونها ويموتون من أجلها، ومصدر السلاح المتطور الذي يستخدمونه، ومصدر الأموال التي تساعدهم على الاستمرار هذه المدة الطويلة.

اليمن دولة ذات موقع جغرافي واستراتيجي مهم، واليمن بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى وجود دولة مركزية قوية تمنع ظهور أمراء حرب وقيادات قبلية ومناطقية لها طموحات قد تدفع إلى خطر التمزق الاجتماعي وهو آخر ما يحتاجه اليمن، وهو خطر ماحق ليس على اليمن فحسب بل على الإقليم الخليجي برمته.

أخطر ما في ظاهرة حرب صعده اليمنية أن تتحول إلى حرب أكثر غموضاً، ويتم الصمت عن الأسباب الحقيقية للحرب، ويتم تبسيط المسألة كما حدث من قبل في دارفور السودانية وغيرها لنكتشف أن ما في الفخ أكبر من العصفور، وعندها ستكون المعالجة صعبة إن لم تكن مستحيلة.

الخائفون على اليمن، وأهل اليمن من حقهم أن يعرفوا الحقيقة كاملة. أما الاستمرار في حكاية أن المسألة هي مجرد «تمرد عائلة» أو قبيلة فهو كلام لا يصمد أمام حقيقة هذا العدد الكبير من الضحايا، وهذه التكلفة المالية الباهظة، وهذه المدة الطويلة للحرب.