«رب اجعل هذا البلد آمنا»

TT

السعوديون كانوا يقضون عطلة نهاية الأسبوع، انتهوا من صلاة جمعتهم، وكانوا يتهيأون لتناول وجبة الغداء، وفجأة اخترقت شاشات التلفاز ورسائل الهواتف الجوالة عبارة خبر عاجل، تفيد بأن السلطات الأمنية السعودية تمكنت من إحباط أكبر مخطط إرهابي يمر على السعودية. الحجم والأرقام كانت مذهلة 172 إرهابيا تم القبض عليهم في هذه العملية كانوا ضمن 7 خلايا بحوزتهم 20 مليون ريال نقدا، بالإضافة الى عتاد مهول من السلاح والمتفجرات مع تكشف المخطط الارهابي الخبيث، الذي كان يخطط له بخطف طائرات والاعتداء بها على مصافي نفط وقواعد أمنية عسكرية، واغتيال شخصيات بارزة. الخبر يوضح نجاحا باهرا للمنظومة الأمنية في تعاطيها مع التحدي الارهابي، والذي يبدو من التفاصيل المعلنة أن المخطط الارهابي كان في مراحل متقدمة جدا، وأن الجانب التنفيذي من المخطط كان على وشك الحدوث وبدون تشنج، اذا ما تمت مراجعة الخبر الصاعق، ستتبين الكثير من الحقائق المفزعة والمقلقة. فعدد الذين تم القبض عليهم ضخم للغاية، مما يؤكد أن التطرف لا يزال موجودا، وأن الفئات المتطرفة والإرهابية قادرة على جذب الشباب «فكريا»، وبالتالي إدراجه ضمن مخططاتها، وكان مقلقا جدا حجم النقود الموجودة بحوزتهم وهذا يدل على وجود «آثار للأموال» يجب متابعتها (وهو ما حصل، فمن ضمن من تم القبض عليهم، رجل أعمال غرر بآخرين لـ«التبرع» حتى «نوعية» الأطراف والخطط المستهدفة حدثت فيها نقلة نوعية كبرى، وأصبح التدمير والإفزاع والخراب الأكبر هو الهدف المنشود. إنها حرب معلنة وواضحة وعليه، فالتعامل المطلوب مع هؤلاء الارهابيين، يجب أن يأخذ منحى آخر تماما. فهؤلاء لم يعودوا فئة «ضالة» فقط، كما يتم تصنيفهم حتى اليوم، ولكن يجب التعامل معهم على أساس أنهم فئة «باغية». أعدوا العتاد وعزموا النية على التدمير والقتل، وهناك علاج صريح لهذه النوعية بأمر إلهي في القرآن الكريم «فقاتلوا التي تبغي». لم يعد من الممكن القبول ولا السكوت على «المبررين» الذين يرفضون تصنيف هذه الفئة كإرهابيين، ويوجدون لهم الاعذار. لم يعد من الممكن استمرار وجود بعض الكتب، والآراء والفتاوى المؤدية للتشنج والتطرف والمخالفة لتوجه الدولة نفسها، تحت أي تبرير. لم يعد من المقبول استمرار السماح بآراء «شاذة» تستمر في قوقعة السعودية ومجتمعها عن العالم الاسلامي، وعزل عناصر مجتمعة عن بعضه البعض. المواجهة يجب أن تنتقل على المستوى الشعبي، فهناك مواجهة مصير العيش بأمان، نكون أو لا نكون، نعم هكذا المسألة. كل طالب وطالبة، كل رجل وامرأة، كل مواطن ومقيم في السعودية معني بهذه المسألة، ولا بد أن «يشارك» معنويا وفعليا في الحراك الأمني الوقائي ضد الارهاب وفئته الباغية. هذا الخبر الصاعق يبين وبوضوح، أن الحرب على الإرهاب طويلة. هذه الفرقة الارهابية الباغية كانت فيهم مجموعة من 61 شخصا بايعوا زعيما لهم أمام الكعبة المشرفة على السمع والطاعة، وبالتالي خرجوا من ولاية الحاكم وولي الأمر (نفس المشهد «الجهيماني» المرعب يتكرر من جديد!). فالسعوديون لا يزال كثيرون منهم يذكرون جهيمان العتيبي وزمرته الباغية واحتلالهم للحرم الشريف، وما تلا ذلك.

انتصار مهم جدا للمنظومة الأمنية السعودية، تحقق بإحباط أكبر مخطط إرهابي في تاريخ البلاد، ولكن من الواضح أن ما يحصل على الأرض من مواجهات، فكرة لا تزال قليلة التأثير وتحتاج إلى الدخول الى ذات «النخاع الشوكي» للتطرف والتشدد. لا أجد خيرا من دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام «رب اجعل هذا البلد آمنا».

[email protected]