ثمن عالمي باهظ لمظلة الصواريخ الأميركية

TT

يقال ان أخطار الهجمات بأسلحة الدمار الشامل أصبحت الآن أعظم مما كانت عليه أيام الحرب الباردة. وهذا ما حدا بالولايات المتحدة للتوجه الى بناء شبكة دفاع صاروخية والتخلي عن اتفاقية الحد من انتاج الصواريخ البالستية.

اعتقد أن الأمر عكس ذلك تماماً. فاقامة شبكة وطنية للدفاع الصاروخي يمكن أن تشعل دورة أخرى من سباق التسلح تجعل العالم أقل أمناً مما كان عليه في قمة الحرب الباردة.

ونظراً لانني اعتقد أن الأميركيين لا يفكرون في اشعال حرب باقامة درعهم الدفاعي، الا ان الفكرة تفرض نفسها عليّ: ربما تكون الغاية الحقيقية من بناء الشبكة الوطنية للدفاع الصاروخي، هي تدشين حملة جديدة من سباق التسلح، تهدف إلى حفز النمو الاقتصادي والتقني في ظروف الضعف العالمي للاقتصاد! هذا ليس مجرد تخمين. أذكر أنني تحدثت العام الماضي مع عضو بارز من المؤسسة العسكرية ـ الصناعية الروسية، وكان عائداً لتوه من لقاءات جمعته بمسؤولين اميركيين كبار، وقد طلب الاجتماع معي ليشاطرني أفراحه! سألته: ما الذي يفرحك إلى هذه الدرجة؟

أجاب: توصلت مع زملائي الاميركيين إلى أن المنازعات تشتد على المستوى العالمي، وهذا يعني أننا جميعاً سنتلقى عقوداً في مجال الدفاع. هذا يعني انه سيكون لدينا الكثير من العمل.

بالطبع، هذا يمكن ان يفيد تجار السلاح، ولكن هل يفيد المجتمع العالمي؟ هل نرغب في أوضاع تسمح لمتعهدي السلاح أن يرسموا سياساتنا الأمنية؟

لا اعتقد ذلك.

فالأمن يتحقق بالتخفيض الجذري للأسلحة النووية وليس بدورة جديدة من سباق التسلح. واذكر انني بعدما قامت الهند بتفجير قنبلتها النووية قبل ثلاث سنوات، اجتمعت بالسفير الهندي في موسكو، ويومها قال لي السفير: «انظر ماذا يحدث داخل النادي الذري! السنون تنقضي، ولكن القوى النووية العظمى تحتفظ بأسلحتها رغم غياب أي نزاع ذي طابع عالمي. هذا يعني أنها تريد ان تحتفظ بهذا السلاح الحاسم حتى تتمكن من فرض قوانينها علينا، وهذه اشارة ترسلها هذه الدول إلى اكثر من ثلاثين دولة بأن تمتلك الأسلحة النووية ما دامت تملك المقدرة على تصنيعها».

إن هذا النوع من الانتشار والسباق، سيكون هو النتيجة لكون الولايات المتحدة تريد أن تضع مظلة فوق رأسها، مما يعطيها تفوقاً عسكرياً هجومياً، ولكن على حساب الحاجة للأمن العالمي ومسؤولية تحقيقه.

* الرئيس السابق للاتحاد السوفياتي ـ خدمة «وجهة نظر عالمية» ـ «لوس انجليس تايمز» ـ (خاص بـ «الشرق الأوسط»)