الفائض من الموظفين ورطة كبيرة

TT

قرأت قصة احد المصانع السورية، كما نشرتها صحيفة «تشرين»، وكيف ان وزارة الصناعة فشلت في التخلص منه سواء بالتخلي عنه او حتى اهدائه. السبب ان فائض العمالة والخسارة ينفر اي مشتر او راغب في هذه الهدية.

يقول مديره ان عدد العمال المرضى الذين لا يمكن الاستفادة منهم على الاطلاق 23 عاملا، وهناك 52 عاملا لهم اختصاصات لا علاقة لها بالعمل المناط بهم جاءوا من معاهد نسيج وكيمياء وتمريض، وبالتالي فان سبعين في المائة غير منتجين واصبح كل عامل منتج يؤدي عمل ثلاثة عمال. المصنع يمثل نموذجا للهدر والنزيف الذي يؤذي الحكومة والقطاع الانتاجي بعمومه. وهو نموذج مكرر لكثير من المؤسسات الحكومية في العالم العربي التي لا تدري كيف تعالج اوضاعها.

لهذا فان سورية، وغيرها، تحتاج الى مواجهة الاوضاع غير السليمة وتصحيحها. ذلك ما حدث لتلفزيون لبنان الحكومي، وهو ما يتوجب على الحكومة ايضا فعله لطيران «الميدل ايست». هذا ما فعلته الحكومة اليمنية عندما احالت عشرات الآلاف من موظيفها وعسكرييها للتقاعد، واعلن عنه قبل شهر فقط.

وتعقيبا على ما قاله وزير الدولة السوري لشؤون التنمية الادارية ضمن الجدل القائم هناك، وهو نقاش صحي، ارى انه محق في تفسير الفائض من العمالة بانه ليس سوى سوء توزيع يمكن تصحيحه اذا ما توفرت المعلومات. والمعلومات هي مفتاح اي تصحيح كان حيث يمكن ان ينقل الممرض من المعمل الصناعي الذي اشرت اليه في البداية الى مكانه الصحيح، اي المستشفى.

ولكن كيف للحكومة، اي حكومة كانت، ان تقدر على تنفيذ هذا الدور، وهي السبب اولا في ارسال خريج كلية التمريض الى المصنع وخريج الكلية الصناعية الى المستشفى؟! انه دور صعب على اجهزة بيروقراطية لا تجري مسحا شاملا، ولا تملك وسائل للتقييم الانتاجي السليم. وتجربة الانظمة الشمولية الاقتصادية فشلت فشلا ذريعا رغم محاولاتها المختلفة لتصحيح ما تكتشفه من اخطاء.

اذاً لا مفر من مواجهة الواقع والسعي الى تصحيحه تصحيحا جذريا عوضا عن الحلول الجزئية او المؤقتة. وبالنسبة للمؤسسات الانتاجية مثل المصانع والمزارع والخدمات التجارية، فانه لا مناص ابدا من بيعها للقطاع الخاص، مع وضع علاج للذين سيدفعون الثمن بسبب التسريح مثلا حتى لا يتحولوا الى ورطة اقتصادية وسياسية.