احزروا من جاء إلى العشاء

TT

نشر في هذه الصفحة يوم الثلاثاء خبر يقول ان الفنان دريد لحام سوف يستضيف في برنامجه الجديد «على مسؤوليتي» الذي تقدمه ام. بي. سي، الفنانة يسرا والفنانة ماجدة الرومي والمخرج خيري بشارة. وفقط. كل سنة وانت طيب. قرأت الخبر غير مرة وانا ابحث عن بقيته: ماذا عن المحبّر؟ ماذا عن الضيف الرابع؟ لا شيء. مؤامرة امبريالية استعمارية رجعية ذيلية انحرافية، قضت بأن يبقى المحبّر في زاويته وركنه اعلاه، وحرمت عليه نهاية المبتغى وغاية المرتجى، اي ان يظهر اسمه الى جانب مشيقة الشاشة العربية ووردة الأوان والزمان.

هذا التعذيب الصيني للمحبّر سببه على الارجح الاعتراف الذي دوّنه في هذه الصفحة في الشتاء الماضي، عندما كتب من البحرين انه ابلغ السفراء العرب، مجتمعين، انه على استعداد للعودة اربعين عاماً الى الوراء، محرراً صحفياً مبتدئاً، ليس عنده سوى قميص وبنطلون وعلبة لاكي سترايك، من اجل ان يحضر المؤتمر الصحفي الذي ستعقده يسرا في المنامة، اعلاناً عن فيلمها الجديد. ويبدو ان المحرر الفني اطلع على هذا الضعف البشري وقرر الانتقام في الفرصة المؤاتية. فلما قيض للمحبّر ان يكون جليس يسرا بدل ان يكون مدوناً للسين والجيم في حضرتها، تجاهل سيادته الحدث وجعل الحوار الرباعي في «على مسؤوليتي» ثلاثياً، وابقى المحبّر في ركنه واطاره، مستكثراً عليه ان يذكر الى جانب السيدة التي من اجلها وحدها نكث عصراً من الاعجاب بالست القُلَّيلة (بالمصري) التي ملأ صوتها بيت المشاعر العربية طوال نصف قرن. آه، فاتن. طبعاً فاتن.

لا يمكن الا ان يكون الشكل وعاء الجوهر. وقد افرحني التعرف الى يسرا. وبالفعل عدت اعواماً طويلة الى الوراء، فيما كانت هذه السيدة تملأ كل مكان بعذوبتها ولياقتها وحضور له وقع النسيم. وقد استضافتنا «ام.بي.سي» ساعات طويلة في الاستديو وساعات طويلة جميلة في مساء بيروت. وكانت يسرا موضع الاعجاب في كل مكان. وكنت انا موضع التندر. فلم يترك دريد لحام قفشة الا ورماني بها. وقرر الشيخ وليد الابراهيم، ربما للمرة الاولى، ان الدعابات على الكتَّاب خير من استضافتهم. ولم يكن هناك سوى يسرا ترأف بعزيز قوم ذل، فكانت تتجاهل ان موضع الدعابة هو هذا الشيب وسبب الدعابة هو الفتنة الجالسة بينه وبين علي الحديثي، مثل زنبقة نابتة من بين صخرتين، ولذلك كانت ترد دائماً بصيغة التساؤل: «يا خبر!». ليسرا في الواقع حضور اكثر عذوبة مما تضفيه على الشاشة من عطر. كأنها بياعة فرح.