من أحداث الأسبوع

TT

* يظهر ان الموت اصبح من الاسواق الرائجة في الشرق الاوسط. كنت افكر بشراء شقة في مصر لقضاء اجازتي الشتوية. نصحني الاخوان فقالوا «هذا هو الوقت المناسب للشراء. لن تشتري الشقة حتى تجد ان سعرها قد تضاعف في بحر سنة او سنتين». سمع بذلك صديق آخر فقال «اذا كنت تفكر بذلك فالاستثمار بالمقابر افضل. اشتر قبرا وسترى كيف سيتضاعف ثمنه بعد شهر او شهرين. فضلا عن ذلك ستضمن اثناء ذلك وجود قبر لك يدفنونك فيه. فالحصول على سكن لقضاء عطلة امر سهل. وليس بهذه السهولة الحصول على قبر مناسب في مكان محترم». ما ان انتهيت من التفكير بذلك حتى جاء لي صديق عراقي وقال «لماذا تذهب الى مصر؟ وطنك العراق احق بالاستثمار من مصر. اشتر قبرا في وادي السلام في النجف الاشرف. اذا كان عندك عشرون ألف دولار تستطيع ان تشتري ثلاثة قبور تبيعها للبنانيين في اقل من سنة بعشرين ألف دولار للقبر الواحد. وتكون بذلك اول عراقي استطاع ان يبز اللبنانيين في الاعمال». ما ان سمعت بذلك حتى قرأت فعلا في هذه الجريدة انباء هذه التجارة الرائجة في نقل الموتى اللبنانيين بسيارات مريحة ومكيفة الهواء لدفنهم في قبور وادي السلام بستة آلاف دولار للواحد.

* ولم يقصر الغربيون ايضا في هذا الميدان المربح. ولكنهم دخلوه من باب آخر. بعد ان يئس البريطانيون من خلق اي موضة جديدة في الملابس والاثاث والبناء، انصرف ذهنهم الى التوابيت. فهذه مستلزمات للموتى لم يطرأ عليها اي تغيير منذ مئات السنين. عمدوا الآن الى صنع توابيت دزاين (مصممة) حسب الطلب والذوق. اذا كان المتوفى يحب السمك صنعوا له تابوتا على شكل سمكة. اذا كان زير نساء صنعوا له تابوتا على شكل امرأة عارية. اذا كان يهوى الطيران فله تابوت على شكل طائرة. وبصورة عامة ولمن لا يحب الخيال والهوايات، يزينون التوابيت التقليدية بألوان وزخارف، اوراد وفراشات وطيور، مرسومة بدقة وعناية على التابوت.

وكل شيء وثمنه. فالهوايات مكلفة في الموت كما في الحياة.

* لا ادري ما الذي ابقاه الغربيون. لقد استولوا حتى على الرقص الشرقي، او ما نسميه برقص هز البطن، او رقص هز ووز. كلما حاولنا ان نحزر في المطاعم والكباريهات في هذه الايام ما اذا كانت الراقصة مصرية او عراقية او لبنانية، اكتشفنا لدى السؤال، انها ليست مصرية ولا عراقية ولا لبنانية، ولا حتى مغربية، وانما روسية او بولونية او بريطانية. في مهرجان الرقص الشرقي الذي جرى قبل ايام في القاهرة اشتركت 300 راقصة من 18 دولة، لم يكن بينها اي دولة عربية غير مصر. كنت اعتقد ان فشلنا في ميادين الحرب والاقتصاد والتكنولوجيا والسياسة، سيصرفنا الى الابداع في الفنون ونعوض عن همومنا بالفرفشة، ولكن الظاهر اننا فشلنا حتى في ذلك. عن قريب، لن يقتصر الغربيون على تبني رقصنا التقليدي فقط، بل سيحتكرون التفرج عليه ايضا.