قرن من عشق الترحل

TT

توفيت لزلي بلانش قبل ايام، عن مائة عام، وعامين اضافيين و12 كتابا. وكانت خلال سحابة القرن الذي عاشته تسافر في الشرق وتؤلف الكتب عن الشرق ورحالات الشرق، او هائمات الشرق وعاشقات الصحراء؟.

وفي السلسلة التي وضعتها مؤخرا للشقيقة «المجلة» تحت عنوان «عاشقات الصحراء» اعتمدت الى حد بعيد على كتابها الشهير «شواطئ الحب الاكثر ضراوة». وفي هذا المؤلف تجمع بلانش بين اربع سيدات من الغرب اتجهن الى الحياة شرقا في عاصفة من الهوى والمغامرة، وبينهن ايزابيل ايرهارد التي هامت في صحراء الجزائر، وايزابيل بورتون زوجة المستكشف ريتشارد بورتون، التي عشقت دمشق والصحراء السورية، وجين دغبي المصري، البارونة الانكليزية التي تزوجت من زعيم قبيلة صغيرة في البادية السورية.

غير ان اهم اعمال بلانش كانت «سيوف الجنة» 1960 وهو قصة الامام شاميل الذي قاد قبائل القوقاز في القرن التاسع عشر في مقاومة ضارية ضد الاحتلال الروسي، واستطاع ان يؤخر السقوط في قبضة الروس ثلاثين عاما، ثم انتهى اسيرا في سجون القيصر الكسندر الثاني. والى جانب الشرق والصحراء احبت لزلي بلانش روسيا وسافرت فيها وكتبت عنها. واحبت تركيا وزارتها مرارا. وكانت تعود من اسطنبول بالسجاجيد الزاهية الالوان التي ملأت بها بيتها في جنوب فرنسا. وحتى منزلها القائم على منحدر اطلقت عليه اسما تركيا هو «كوتشوك تبَّه» او «التلة الصغيرة».

وقد احترق المنزل المطلي باللون الزهري ذات عام. ومعه احترقت الاشياء الصغيرة التي حملتها معها من رحلاتها في افغانستان ومصر واليمن وبلاد القوقاز وبلاد البلقان والمكسيك وسيبيريا وآسيا الوسطى. وبرغم انها طلقت زوجها الديبلوماسي والشاعر الفرنسي رومان غاري، فقد حافظت على لقب «المدام غاري». وكانت تقول ان اللقب كان «يحسن موقعي على الطاولة في الحفلات الاجتماعية».

في كتابها «شواطئ الحب الاكثر ضراوة» بحثت عن عنصر اساسي: كيف تنظر المرأة المغامرة الى المرأة المغامرة وماذا ترى فيها. ورأيت انها حاولت دائما ان «تتفهم» بطلاتها، اكثر مما ان «تفهمهن». وفيما رأت الباحثة السورية رنا قباني في ايزابيل ايرهارد مجرد مشردة تبحث عن الجنس في الصحراء، رأت فيها لزلي بلانش شابة يائسة تعشق الجزائر، وتعتنق الاسلام بكل صدق وكانت تحول كل شخصية في موضوعاتها الى مهرجان، وتضخ فيها توتر العشق والفرح ولا تنسى ابدا انها امرأة وان الدنيا تختلف في عيون النساء.