الإسلام والكرامة الإنسانية

TT

إليكم هذه الحادثة التي سمعت عنها، والتي سوف أوردها لكم فقط لكي ادلل على سماحة بعض المسلمين التي (يجب أن تكون)، صحيح أن هذه الحادثة قديمة نوعاً ما، ولكنها يجب أن تروى، وأن تفهم، وأن تتمثل بقدر الامكان.

فهذا رجل ولد في (مقدونيا)، وهو يتحدر من السلالات اليهودية المضطهدة التي تم طردها من إسبانيا سنة 1492، مثلما تم طرد العرب المسلمين، وقد حصل هذا الرجل هو وعائلته على جوازات سفر من القنصلية الاسبانية في مقدونيا التي سرها أنهم ما زالوا محتفظين بهويتهم ويتحدثون اللغة الإسبانية القديمة من القرن الخامس عشر.

وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، قبض على كل اليهود هناك وأودعوهم في معسكرات اعتقال تمهيداً لإرسالهم إلى غرف الإعدام بالغاز في (تريبلينكا)، غير انه من حسن حظهم أطلقوا سراحهم لأنهم كانوا يحملون جوازات سفر اسبانية وذلك تقديراً (لفرانكو) حليف (هتلر).

ويقول ذلك الرجل: عندما حررونا هربنا والتجأنا إلى البانيا، غير أن البعض في البانيا كانوا يكرهون ولا يطيقون من لا ينتمي إلى عرقهم أو دينهم، وكانت جملة (انتقام الدم) أحد المصطلحات المتداولة عند البعض، وقد عاشت تلك الأسرة تتخفى برعب، إلى أن قيض الله لها زعيم قرية صغيرة أعطاهم الفرصة لكي يعيشوا فيها، بدون كهرباء ولا ماء جارٍ ولا مال، رغم أنهم تركوا وراءهم في مقدونيا ممتلكات لا بأس بها.

غير أن رب الأسرة كان رجلاً ذكياً، فأوعز إلى أفراد أسرته كلهم بأن يمارسوا الشعائر الإسلامية ويتظاهروا على أنهم مسلمون خوفاً من الانتقام أو المضايقة.

وبما انه كان يفهم قليلاً في أمور السلامة العامة والصحة، فقد ادعى انه طبيب، ونجح في الحصول على بعض المعدات الطبية، وبدأ يقدم خدماته للجميع، ويحصل مقابل ذلك على اجر يسير استطاع بواسطته أن يطعم أسرته، ويهيئ لهم اقل مقدار من وسائل العيش.

وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، هاجر هو وعائلته إلى أمريكا، وقبل أن يغادر القرية نذر على نفسه، انه لا بد وان يعود يوماً إلى هذا المكان لكي يحفر به بئراً، كنوع من رد الجميل.

وفي أمريكا تفتحت بوجهه أبواب النجاح وأصبح مليونيراً، وفعلاً وفى بوعده، وعاد إلى تلك القرية بعد خمسين سنة، أي في عام 1995، وبدلاً من أن يحفر بئراً أقام شبكة كاملة للمياه والمجاري، وسفلت الشوارع ورصفها وأنارها، وأنشأ مستشفى متكاملا.

وعندما سأل العجائز من أهل القرية قائلاً: هل كنتم تعلمون أننا لسنا على دينكم؟! ضحكوا وقالوا: نعم كنا نعلم، وسألهم هل كنتم تعرفون أنني لست طبيباً؟!: فضحكوا مرة أخرى وقالوا بصوت مرتفع: نعم كنا نعرف، ولم نأبه، وكنا نقدم لكم الأجر والطعام لكي نمنحكم الكرامة الإنسانية، لأن ديننا الإسلامي يدعونا إلى ذلك.

[email protected]