مواعيد مستحيلة وأيام شاقة

TT

تكشف الاستحقاقات الدستورية الاخيرة مدى الفارق في الاستقرار العام، بين سورية ولبنان. ففي دمشق اجتمع البرلمان الجديد واقترع بالاجماع على ولاية جديدة للرئيس بشار الأسد، في حين ظل البرلمان اللبناني مغلقا بأمر من رئيسه، والحكومة معلقة، وموعد الانتخابات الرئاسية مهددا.

بل يبدو كل شيء مهددا في لبنان، فيما تنزلق الجمهورية الى الانهيار، وتقترب ساعة الخطر في مجلس الأمن الدولي. وفيما يقدر النائب سعد الحريري على عقد لقاء في باريس مع رئيسين فرنسيين، ذاهب وقادم، يتعذر عليه في بيروت التقاء رئيس مجلس النواب. فلو حدث ذلك فانه سيبعث التفاؤل في الناس، والتفاؤل ممنوع، والانفراج ممنوع، والخوف سيد المرحلة.

الاستحقاق الاكثر خطورة هو بالتأكيد إقرار المحكمة الدولية في مجلس الأمن، وهو امر بات شبه مؤكد. وسوف يتبع ذلك تقرير آخر من المحقق الدولي سيرج برامرتز، قد يتطرق للمرة الاولى الى اسماء المشبوهين. واذا تم ذكر الاسماء قد يصبح من المتعذر المطالبة بالافراج عن الضباط اللبنانيين الاربعة المحتجزين حتى الآن، دون ان توجه التهمة رسميا اليهم. وكشف الاسماء سوف يزيد بدوره في تعقيد موضوع رئاسة الجمهورية. وربما اعاد التقرير كل شيء الى البداية، أي الى المرحلة الفائرة التي اعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ولبنان الموحد والمستقر لا يستطيع تحمل مثل هذا التطور، فكيف بلبنان المنقسم والمضطرب والغارق في المخاوف المتنقلة والقنابل المثقلة.

كان الافضل ـ لو كان ذلك ممكنا ـ ان تجري انتخابات الرئاسة قبل الوصول الى هذه المواعيد المتلاحقة والمخيفة. فكل قضايا لبنان الاساسية تم تدويلها على نطاق حاد، من الوضع على الحدود في الجنوب الى المحكمة الدولية. بموجب الفصل السابع. وكل حدث مطروح على اللبنانيين اكبر من حجمهم ومن حجم لبنان. وبدل ان يتمكن صاحب الحجم الصغير من الاختباء في ذروة الصراع الاقليمي والدولي، يرى نفسه حريقا مشتعلا في كل مكان، بحيث يكون اول هم سياسي لرئيس فرنسا الجديد كما كان آخر هم لرئيسها القديم. وفيما تجدد دمشق بالاجماع للرئيس بكل هدوء وتنتخب باريس رئيسا جديدا بالاكثرية، يتقاتلون في بيروت حول الانتخاب باكثرية الثلثين او بالاكثرية المطلقة. وقد لا يكون ثلثان ولا اكثرية مطلقة ولا رئاسة، بل استمرار لملحمة العذاب.