زهاء الساعتين

TT

منذ أكثر من عام أصبح السفير السعودي في لبنان جزءاً من الأخبار اليومية، اذا سافر الى الرياض توقعت الناس حدثا، واذا عاد انتظرت تصريحاً أو تلميحاً، واذا اجتمع الى الرئيس نبيه بري حدث تفاؤل، واذا اجتمع الى النائب سعد الحريري حدث ترقب. وتعودت الناس مع الوقت ان تقرأ التطورات من خلال تحركاته، ولم يبق لعبد العزيز الخوجة وقت لنفسه، فعليه كل يوم ان يئد فتنة. لكن الشاعر عبد العزيز الخوجة استبقى لنفسه في هذه الدوامة الصعبة، حقاً واحداً، هو كتابة الشعر. واعتاد ان يكتب الشعر في الليل، ويترك القصيدة لزوجته تقرأها في الصباح، بعد ان يذهب الى مكتبه. وقبل فترة ابلغ السفير الصابر زوجته انه ذاهب الى لقاء عاجل مع الرئيس نبيه بري، وان الاجتماع قد يستمر ساعتين على الأقل. وعاد في الليل متأخراً. وترك السفير قلمه، واخذ الشاعر قلماً وراح يكتب قصيدة تلح عليه منذ أيام. وترك القصيدة في دفاتره لكي تقرأها زوجته. وفي اليوم التالي وجدت أمامها شعراً بعنوان «لقاء الساعتين». هذا نصه:

لم يكن إلا زهاء الساعتين

كيف دار السحر فيها بيننا في نظرتين!

ثم ذاك الدفق يسري بحنان لليدين

ثم شيء هو أخفى من خفي

قال للقلب سلاما

يا ترى هل ذلك الأمر نسميه غراما؟

نسهر الليل عليه ننسج الوهم ضراما

نرسل الشوق سطوراً ودموعاً وكلاما

نشتكي للسهد أنا قد غدونا عاشقين

مع أن الأمر قد كان...

زهاء الساعتين

أنتِ من أنتِ على الدرب خيال في خيال

جئتني أسطورة من قصص الحب المحال

ثم قلنا إنه الحب وصدقنا الضلال

أيها الخافق مهلاً...

لم يكن إلا... لقاء الساعتين

قرأت الزوجة القصيدة ولم تنتظر عودة السفير من مكتبه.

واتصلت به تقول: لقد ابلغتني أمس انك سوف تمضي نحو ساعتين مع الرئيس بري، فأين كنت حقاً في «لقاء الساعتين»؟ وحاول ان يشرح ان القصيدة رمز آخر من رموز الشعر وان «انتِ من انتِ على الدرب خيال في خيال». ولكن السيدة خوجة لا تزال حائرة: كيف يمكن لمن يعيش السياسة اللبنانية من الداخل ان يكتب الشعر. والغنائي منه.