صيف لبنان .. إلى أين؟

TT

إن من أكثر الأسئلة استفزازا تلك التي يطرحها عليك أحدهم مثل: «كيف تتوقع صيف لبنان هذا العام؟»، فأنا لست مع الذين يختزلون عشقهم للبنان في فصل واحد هو الصيف، أولئك الذين يبحثون فيه عن هدوء مؤقت يتيح لهم متعة التسوق في «الحمراء» و«فردان» و«الأشرفية»، أو إشباع نزعات السهر في «عاليه» و«مونو» و«جونيه»، فأنا مع لبنان الحضاري المستقر دائما.. لبنان الذي يفترض أن لا يختلف أمان شتائه وربيعه وخريفه عن أمان صيفه.. أنا ـ باختصار ـ مع كل فصول لبنان.

ورغم ما يسببه لك مثل ذلك السؤال من صداع، إلا أنك تعجز عن إيقاف تداعيات تفكيرك في المسألة، فشهور الصيف في لبنان تظل مفتوحة على كل الاحتمالات، وهذا رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة قد فرغ بالأمس من توجيه رسالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مطالبا بإقرار المحكمة في مجلس الأمن، وذلك يعني أن كل المبادرات العربية، وغير العربية، لإيجاد صيغة توافقية بين المعارضة والحكومة حول موضوع المحكمة قد وصلت إلى طريق مسدود، وأن كل الوسطاء ـ بعد يأسهم ـ تحولوا إلى مقاعد المتفرجين، وتركوا هذا البلد العربي لاختلافاته وتبايناته. ولا استبعد أن يتوصل مجلس الأمن لقرار سريع في هذا الشأن، وإن كنت لا امتلك تصورا لمدى ما يمكن أن يثيره ـ أو لا يثيره ـ مثل ذلك القرار من عواصف في الساحة اللبنانية.

واللبنانيون يستقبلون هذا الصيف أيضا وهم على موعد مع ملف آخر لا يقل سخونة وتعقيدا عن ملف المحكمة الدولية، هو ملف رئاسة الجمهورية، فمع أن موعد استحقاقه في 25 أيلول (سبتمبر)، إلا أن الصيف سيكون مسرحا لبدء التجاذبات، فثمة من يصف معركة الرئاسة اللبنانية القادمة بأم المعارك.. واللبنانيون يتخوفون من أسوأ السيناريوهات، وأكثرها إرباكا، بأن يحدث في البلاد فراغ رئاسي يقود إلى قيام حكومتين، وهذا ما يقض مضاجع العقلاء..

هكذا تجد نفسك في مواجهة السؤال المستفز: «ما توقعاتك لصيف لبنان هذا العام؟»، يدلقه أحدهم على مسامعك ثم يمضي، ويتركك تضرب أخماسا بأسداس بحثا عن ضوء في نهاية نفق الحيرة الذي ولجت فيه من أجل عيون لبنان.

[email protected]