الخليجيون.. والثروة غير الناضبة

TT

حسنا أن يتجه الخليجيون إلى استثمار عائداتهم المالية من ثرواتهم البترولية القابلة للنضوب لتطوير ثروتهم غير الناضبة المتمثلة في بناء الإنسان، من خلال تقديم تعليم عصري أكثر عمقا، وأعظم هدفا، فالخليجيون اليوم أكثر استشعارا من أي وقت مضى لأهمية التعليم بالنسبة لحاضرهم ومستقبلهم، خاصة وأنهم يمتلكون الإمكانات المادية التي تساعدهم على إحداث نقلة تعليمية نوعية تضعهم جنبا إلى جنب مع الدول المتقدمة في هذا المجال، فالتعليم ينبغي أن تكون له الأولوية والأهمية والحضور على كل ما عداه، فأثره الإيجابي ينعكس على كل مظاهر الحياة، بل هو الطريق الأسرع إلى عالم التقدم والمدنية والرقي.

وبالأمس أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وحاكم دبي عن عزمه إنشاء صندوق بعشرة مليارات دولار لدعم التعليم في المنطقة، وذلك لبناء مجتمع المعرفة، وتقديم الدعم للعقول والقدرات الشابة، والتركيز على العطاء في البحث العلمي، والاستثمار في البنية التحتية للمعرفة، والسعي لتوفير فرص لابناء المنطقة في التقدم والحياة الكريمة.

كما تشهد السعودية هذه الأيام وثبة تعليمية هائلة في المجال التعليمي من خلال مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم في السعودية، والذي خصص له مبلغ 9 مليارات ريال (2.7 مليار دولار)، ومن المتوقع لهذا المشروع أن يرتقي بمخرجات التعليم إلى مستويات لا تقل عن غيرها في الدول المتقدمة تعليميا.

والرهان على التعليم من المؤكد أنه يشمل أيضا بقية الدول الخليجية (الكويت والبحرين وعمان وقطر)، فلكل دولة من هذه الدول جهودها وإنفاقها واستراتيجياتها، فليس ثمة وسيلة أمام الجميع سوى التعليم لتحسين حاضرهم وضمان مستقبلهم.

وتظل اليابان المثال الأعظم لما يمكن أن يحدثه التعليم من معجزات، فهذه الدولة التي خرجت من الحرب العالمية الثانية محطمة كسيرة، استطاعت أن تلقي بكل كوابيس الحرب خلف ظهرها، وتبدأ مسيرة جديدة جعلت فيها التعليم قائدها، ودليلها، وفنارها، ليضعها اليوم ضمن قيادة العالم اقتصاديا وعلميا وسياسيا.

وأخيرا: فإن كانت القيادات السياسية الخليجية قد وفرت الدعم المالي لهذه الانطلاقة، فإن خطط تقويم مرحلية لا بد أن تصاحب هذا الإنفاق لمعرفة مدى التزام التنفيذيين في السير نحو الهدف وفق الخطة الزمنية المرسومة، التي يفترض أن تكون ثمة معايير دقيقة لقياسها.. فهل نفعل؟

[email protected]