مخيمات بلا سلاح

TT

ما يحدث في مخيم نهر البارد، ثاني أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، من معارك بين «فتح الإسلام» وجيش الدولة النظامي يؤكد لنا حقيقة واحدة، وهي انه لا بد أن تكون المخيمات الفلسطينية في لبنان منزوعة السلاح، بلا شرط أو قيد.

فقد عاش اللاجئون الفلسطينيون سابقا في الأردن حاملين أسلحتهم، فشهد التاريخ حينها ما عرف بأيلول الأسود، الذي أريقت فيه دماء الفلسطينيين والأردنيين وكادت الأزمة أن تعصف بدولة الأردن. والأمر ذاته يحدث في لبنان بين الحين والآخر، حيث باتت المخيمات الفلسطينية أرضا فوق القانون اللبناني، بل خارجه، بكل علل لبنان الدولة والقانون.

في الجانب الآخر نعرف أنه عندما لم يحمل اللاجئون الفلسطينيون السلاح في تونس، أو سورية أو العراق، لم نر اقتتالا أو محميات خارجة على القانون في تلك الدول.

احتلال الأراضي الفلسطينية، ومعاناة الشعب الفلسطيني، يجب أن يكونا ناقوس خطر يدق كل ما رأينا دولة عربية على شفا الانزلاق نحو كارثة، لا أن يستخدما كذريعة لإراقة الدماء في العالم العربي بحجة أن فلسطين محتلة.

لا شيء يمنع أن يقيم اللاجئون الفلسطينيون في العالم العربي وأن تكفل لهم كل الحقوق من أجل حياة كريمة لهم ولأبنائهم إلى أن تحل قضيتهم. لكن ذلك لا يعني أن يكونوا بؤرة صراع، أو دولة داخل الدولة التي يقيمون فيها.

المخيمات في لبنان باتت خارج نطاق الدولة، ومحمية لكل من يرتكب جرائم ويلوذ بها حيث أنها محظورة على الجيش اللبناني، وباتت تشهد الجرائم المنظمة، وكل ما هو ممنوع، وسبق ان شهدنا اقتتالا داخلها بين فصائل متنازعة.

ولذا لا بد من نزع السلاح من المخيمات، كما يجب نزع سلاح كل الفرق الأخرى في لبنان، وعلى وجه التحديد نزع السلاح الإيراني من يد «حزب الله»، ومحاسبة من يقومون بتهريب السلاح لـ«حزب الله» أو حتى للمخيمات الفلسطينية، وهم معروفون للقاصي والداني.

ما لم نحافظ على هيبة الدولة في عالمنا العربي فإن المستقبل ينذر بالخطر الأكبر، ويكفي ما نعيشه ونلمسه اليوم وكل يوم. وعلى الدول العربية مساعدة اللبنانيين على تحقيق هذا الهدف، وأول الدول التي عليها ان تتخذ مواقف إيجابية من أجل حماية لبنان ووحدة أراضيه هي سورية.

واقع المخيمات الفلسطينية في لبنان جعلها بؤر صراع، ومناطق قابلة للاشتعال يلعب بها من يريد تحقيق مكاسب على الأرض في لبنان، وهذا ما يحدث اليوم، فالتسخين الذي نراه يشبه إلى حد كبير ما شهدناه العام السابق قبل حرب الثلاثة والثلاثين يوما، ولا يمكن أن يكون بمعزل عما نراه من جرائم ترتكب على يد كل من «حماس» و«فتح» في غزة بحق بعضهما البعض.

لا بد من نزع السلاح، ودعم لبنان الدولة، وإلا سيكون الثمن باهظا على الجميع.

[email protected]