هل تعجبك الصلصة؟ نعم!

TT

ـ تحب الصلصة؟

ـ صلصة إيه؟

ـ صلصة ساخنة بالشطة!

ـ أعوذ بالله!

ـ ولكنها سوف تعجبك.. تعال..

ـ ....

وكنا في نيويورك. وكان الجو بارداً مكفهراً كئيباً، فتذكرت مسرحية «القرد كثيف الشعر» للأديب الأمريكي أونيل.. عندما نزل البحارة المرهقون وعلى وجوههم زيت أسود وشحم. ووقفوا إلى جوار ناطحات السحاب: إنها جدران شاهقة جامدة باردة لا قلب لها كالمدينة لا تبالي بهم.. وكذلك كان شعوري في أول زيارة إلى نيويورك.

ولكن صاحبي قرر أن نمشي كأننا نمل يدب على ألواح من الثلج.. هم البشر. وفجأة وقفنا أمام كباريه باهر الألوان الحمراء والزرقاء وتعصف الموسيقى بكل من يقترب من المكان، تهدده أو تستدرجه..

ودخلنا.. أما الأجسام فسمراء ثعبانية الحركة، الراقصون والراقصات كأنهم يسبحون في محيط هائج من الموسيقى الداوية والطبول العاوية: ذئاب وكلاب وثعابين. وانتحيت مكاناً قصياً. وقال صاحبي: ما رأيك؟

قلت: في أي شيء؟ قال: في الصلصة!!

فهذه الموسيقى والطبول والرقصات يسمونها موسيقى (الصلصة) أي الموسيقى الخليط بين الروح الأفريقية المهاجرة المعذبة والتي التقت بالروح اللاتينية الحيوية الساخنة!

وموسيقى الصلصة هي كوبية الأصل. ولكن المهاجرين من أمريكا اللاتينية إلى نيويورك أضافوا وأبدعوا وأشعلوا النار في الأجساد الشابة فكانت هذه الرقصات: رومبا ومامبو وتشاتشا ودانتا..

واذكر يوم انعقاد مؤتمر القارات الثلاث في كوبا سنة 1964 أن ذهبنا مع الرئيس كاسترو نزرع أشجار التضامن بين أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وكانت الأمطار غزيرة والأرض موحلة. ولكننا تماسكنا بالأيدي حتى الرئيس كاسترو، ورقصنا ولم نكن نعرف أنها هذه هي الصلصة. وهم في أمريكا اللاتينية ينفقون فائض الحيوية والسخط والغضب في الغناء الراقص أو الرقص الغنائي الأفريقي الكوبي الملتهب!