قلق السيد!

TT

في خطابه الاخير تعليقاً على احداث مخيم نهر البارد قال السيد حسن نصر الله «... هل المطلوب تحويل لبنان ايضا الى ساحة قتال بين الاميركيين و«القاعدة»؟ هل تريدون خوض حرب الآخرين على ارض لبنان؟ هل نحن معنيون بفتح صراع مع القاعدة في لبنان وبالتالي هذا الصراع يؤدي الى استقطاب عناصر ومقاتلين من القاعدة من كل انحاء العالم الى لبنان».

قد يرى البعض في كلام السيد نصر الله مماحكة سياسية، وتسجيل مواقف ضد حكومة السنيورة، الا انني ارى العكس.

فمن الواضح ان السيد حسن استشعر خطورة اللعب بورقة «القاعدة»، او قل فكرة وجود «القاعدة» في لبنان. وبالتأكيد ان «القاعدة» موجودة في لبنان، فوجود او اشهار التنظيم بات اسهل من استصدار تصريح تجاري، فما على الشباب الا توفير موقع اليكتروني لنصرة «القاعدة»، او حمل السلاح والقيام بعمل مجنون وإصدار بيان يتبنى ذلك العمل.

ولكن لماذا يقلق السيد؟ بالطبع وجود انصار بن لادن هناك، سيجعل المقاومة، حزب الله، وسلاحها في حرج، وأزمة. السيد يعي تماما ان «القاعدة» وان استفادت من ايران، او سوريا فهي عدو لدود للشيعة، ونرى ذلك في العراق، بل ان «القاعدة» تكفرهم بدون مواربة، وتوغل في عداوتهم حدا يفوق عداء اسرائيل، وهذا معلن في ادبيات «القاعدة».

والسيد يعلم ان تنظيم «القاعدة» لن يقوم بعمليات انتحارية وسط بيروت احتجاجا على هيفاء وهبي، بل بعمليات انتحارية ضد الجنود الإسرائيليين، وعندها سيكون السؤال، وفق المنطق السائد في عالمنا العربي مع «القاعدة» ام مع اسرائيل؟ وهذا المنطق يعيه السيد جيدا، وهو الذي جعل مثقفين من مختلف المشارب، وحكومات، وأصوليين عربا يقفون مع السيد حين غامر في اختطاف الجنديين الاسرائيليين الصيف الماضي.

ومن يعلم قد تكون تلك محاولة ساذجة لعقلنة الشيطان، اي «القاعدة»، فحزب الله كان في يوم من الايام يصنف بأنه تنظيم ارهابي، وبعض المنتمين إليه، وفي مجلس شورته مطلوب لدى بعض الدول العربية، على خلفية محاولات اغتيال، وإثارة قلاقل، في الثمانينات، وحتى اوائل التسعينات.

والامر الاهم، هو منازعة حزب الله في مشروعيته، ومشروعية سلاحه، وهي مقاومة العدو الاسرائيلي، وحينها تكون «القاعدة» قد زاحمت السيد في ملعبه، وحرفته، ويكون ذلك اعلانا لخروج المارد السني من قمقمه في لبنان، وهذا ما حذر منه العقلاء، منذ نزول المعارضة الى الشوارع في بيروت، وحاصروا رئيس الوزراء السيد فؤاد السنيورة.

حديث السيد نصر الله، وقلقه، يجب ان يؤخذا على محمل الجد، ليس اتفاقا معه، بل ادراكا لخطورة ان تفعّل «القاعدة» دورها في لبنان، واول من عليه ان يعي ذلك هو السيد حسن نصر الله نفسه، والذي يريد نصرا كاملا على خصومه من ابناء البلد، وسيكون ذلك بمثابة الورطة له، فهزيمة العقلاء، عرس للمجانين.

[email protected]