أسلمة العطلات

TT

الضجة التي أثارها تيار الاسلاميين في الكويت بعد قرار الحكومة هناك بتحويل العطلة الاسبوعية الى يومي الجمعة والسبت بدلا من الخميس والجمعة، هي نموذج آخر على مظاهر الديماغوجية التي أصبحت مسيطرة على الحياة العامة في الكثير من دول المنطقة واستخدام الصوت العالي والتخويف في مناقشة قرارات حياتية سواء كانت اجتماعية او اقتصادية او سياسية بسيطة لا تحتاج لأكثر من استخدام المنطق ومعايير المصلحة العامة في إجراء موازنة بين الفوائد والسلبيات ثم اتخاذ القرار حسب ما يميل الميزان.

وفي قضية العطلة الأسبوعية التي أصبحت يومين في معظم الدول العربية تماشيا مع الاتجاه السائد في العالم كله، كانت دائما المعضلة التي تواجه أصحاب القرار هي أي يوم يجب ان يضاف الى يوم العطلة التقليدي الاسلامي يوم الجمعة الخميس او السبت، وفي البداية اختير الخميس مع الجمعة.

لكن مع التجربة، والتشابك في المصالح الاقتصادية والسياسية والمعلوماتية، أظهرت التجربة ان اختيار الخميس والجمعة يعني انقطاع التواصل بالنسبة للشركات والمصالح مع بقية العالم لمدة 4 أيام أسبوعيا، لأننا عندما نكون في عطلة أسبوعية يكون العالم في حالة عمل، وعندما نعود من العطلة الأسبوعية يكون العالم معطلا، وبالتالي فان المتاح للتواصل هي أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء فقط.

ولانه سيكون ظلما لنا ان نوحد عطلتنا مع العالم لتصبح يومي السبت والأحد في ضوء أن الجمعة ضرورية للمجتمعات الاسلامية، كان الحل ملاقاة العالم في منتصف الطريق واختيار السبت الى جانب الجمعة؛ والمفهوم ان الداعي الى ذلك أسباب اقتصادية بحتة لا علاقة لها بالمعتقدات او الايديولوجية او محاولة التشبه بأحد كما يروج المعارضون.

ويقينا فان العاملين سواء في قطاعات حكومية او قطاع خاص سيسعدهم ان يرضوا الجميع ويحصلوا على عطلة تمتد من الخميس الى الاحد، ولو امكن ضم يوم الاثنين معها ونكتفي بثلاثة أيام عمل، لكن لا أحد يطالب بذلك سواء كانوا من العاملين او اصحاب شركات ومصالح، لأن الخسارة الناجمة عن ذلك ستنعكس على الجانبين؛ فعندما يكون هناك عمل تكون هناك انتاجية ومنافسة وأرباح ودخول ووظائف الى آخره ويستفيد الجميع، سواء السوق او الاقتصاد او العاملين وأصحاب الأعمال.

وهذا هو المعيار الأساسي الذي يجب أن يحكم النقاش عند بحث قضايا مثل العطلة الاسبوعية او أي أشياء أخرى مشابهة؛ فالحديث عن ان ذلك تشبه بآخرين هو محاولة ترهيب، أكثر منها مناقشة تبحث المصلحة العامة، ثم ماذا يضر في أخذ تجارب آخرين؛ فنحن نركب سيارات وطائرات ونستخدم تكنولوجيا آخرين، والآخرون عندما بدأوا عصر النهضة لم يخجلوا في النهل من معارف اسلامية ويونانية قديمة؛ وهي سنة الحياة في التطور الانساني والحضاري.

باختصار المعيار هو الفائدة الاقتصادية والمجتمعية؛ فالمسلمون يستفيدون عندما تكون اقتصادات دولهم قوية ومزدهرة، ويخسرون عندما تكون ضعيفة وذات انتاجية منخفضة.