على الأقل ساعدوهم

TT

أكبر عرض يشاهده أهل المنطقة حاليا هو محاصرة مخيم نهر البارد، الجيش في الخارج وجماعة فتح الاسلام الارهابية في الداخل. والذي يدفع الثمن، ليس نحن المتفرجين، بل أهل المخيم الذين يتجاوز عددهم العشرين الفا. وخلال الاسبوع الماضي اتجه كثير منهم الى مخيم آخر، هو «البداوي» الذي تتكفل برعايته إغاثيا منظمة الاونروا منذ 52 عاما. ومخيم البداوي بحسب الوكالة الدولية يؤوي أكثر من 16 ألف فلسطيني ويعيش أهله، مثل أهالي بقية المخيمات، في حالة مزرية حيث يمنع عليهم العمل والتنقل ويعيش معظمهم على المساعدات، ويسكنون في بيوت خربة، وتجري مياه الصرف الصحي داخل احيائهم.

وإذا كانت اوضاع المخيم دائما مزرية فإنها اليوم مؤلمة لأن اكثر من عشرة آلاف لاجئ رحلوا عن «نهر البارد» الى «البداوي». حتى اصبح المخيم الثاني على وشك كارثة انسانية بسبب التزاحم ونقص الخدمات الاساسية من غذاء ودواء وسكن.

وإذا كان يجب ان نقول شيئا تجاه ما يجري في لبنان اليوم ليس تراشق الكلام ورسم الخطوط الحمراء بل تقديم العون السهل الى المخيمين وعلى وجه السرعة.

أين هي الحكومات العربية، وقبلها الحكومة اللبنانية، ومعها المنظمات الدولية. بعضها يتذرع بان الوضع الأمني لا يسمح بإرسال فرق انقاذ تطبيبية وإعاشة الى مخيم نهر البارد، وهذا أمر مفهوم خاصة بعد ان ثبت ان «فتح الاسلام» تطلق النار على الداخلين والخارجين. لكن ماذا عن المخيم البديل، البداوي؟ ان تقديم اغاثة سريعة لأهله، وإرسال فرق طبية، وإصلاح ما يمكن اصلاحه حتى يستوعب الاف اللاجئين ليس بالمهمة الصعبة. فالطرق مفتوحة، والمخيم آمن، ولا يوجد فريق سياسي لبناني واحد سيعترض على تقديم المساعدات للمخيمات التي تتعرض للأزمة.

ولا اعتقد ان احدا لديه اعتراض على تكليف المهمة الاشرافية للاونروا، اسم مختصر عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا). وهي وكالة إغاثة وتنمية بشرية تعنى بتوفير التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والمعونة الطارئة لما يربو على أربعة ملايين لاجئ يعيشون في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسورية. ومن خلال تجربة المنظمة الدولية في المنطقة لم تكن محل خلاف نظرا لاستمراريتها وعدم تورطها في الخلافات السياسية المرتبطة بشأن اللاجئين، وكذلك نظرا لأسلوب ادارتها حيث تعتمد على توظيف الفلسطينيين، أهالي المخيمات، من اطباء ومهندسين ومدرسين وعمال لإدارة شؤونهم.

ولا نريد في هذا التوقيت ان نفتح قضية اللاجئين من حيث معاملتهم المحلية او العربية او النزاع السياسي الفلسطيني الفلسطيني على تبعيتهم، وفوق هذا مستقبلهم في ظل مشروع السلام الذي لا يمكن ان يتم بدون حل قضيتهم حلا عادلا. انما اقل ما يمكن ان يقال هو تقديم المساعدة لمخيمين منكوبين، وربما الاستعداد لمساعدة المخيمات الأخرى التي قد تواجه مصيرا مماثلا في لبنان بسبب الاستخدام السياسي الذي نراه اليوم في مخيم نهر البارد.

[email protected]