عجائب الدنيا السبع

TT

غريب أمر هؤلاء الذين يلقبون أنفسهم بالعلماء، بينما هم يتعاملون مع موضوع عجائب الدنيا السبع بمنطق العصور الوسطى! في كل دول العالم المتقدم يتم إسناد المشروعات الكبرى لمؤسسات علمية متخصصة، ولا يتم التعامل مع أي فرد إلا بعد مراجعة تاريخه العلمي لمعرفة قدراته ومدى استعداده العلمي. أما عندنا في مصر وللأسف الشديد فإن هناك البعض ممن كان يسمح للهواة والمغامرين بالعمل في آثارنا، وقمنا بوقف حوالى 35 بعثة أجنبية لأنها لم تكن خاضعة لمؤسسة علمية كمتحف أو جامعة. تذكرت كل هذا عندما تقدم شخص عادي سويسري لمحاولة اختيار عجائب الدنيا السبع عن طريق التصويت على شبكة الإنترنت. وعندما أرسل لي خطاب يطلب مقابلتي، أرسلت له رافضاً المقابلة وذلك بعد قرائتي لتاريخه العلمي، بل وأرسلت خطابا إلى السفير السويسري بالقاهرة أشرت فيه بضرورة أن يبتعد عن الهرم الأكبر هرم الملك «خوفو» العظيم، لأنه المعجزة الوحيدة التي يبلغ عمرها 4600 سنة، والوحيدة التي لاتزال باقية بيننا. أما المعجزات الأخرى التي دُمر معظمها عن طريق الزلازل فتاريخ أغلبها يعود إلى 2000 عام، ولم تؤثر هذه الزلازل على الهرم الأكبر. وللأسف الشديد وجدنا بعض الناس في مصر يقولون إن الهرم مستبعد من عجائب الدنيا السبع، أنه سيتم تغيير كتب التاريخ ويشطب الهرم منها، فهل أصبح التاريخ يكتب بواسطة المغامرين والهواة؟!

والحقيقة أن هناك العديد من المؤسسات التي قامت باختيار عجائب الدنيا السبع ولم تثر حولها كل هذه الدعاية. فلقد تم اختيار عجائب الدنيا في العصور الوسطى ودخل فيها برج بيزا المائل، ومسجد آيا صوفيا بتركيا، ومقابر كوم الشقافة بالإسكندرية. وهناك قوائم أخرى ضمت قلعة صلاح الدين، وتاج محل بالهند، ولم يتم اختيار الهرم الأكبر لأنه خارج المنافسة تماماً. وهناك أيضاً العديد من القوائم المعاصرة، مثل تلك التى أعدتها جمعية المهندسين المدنيين الأميركية واختارت ممر السكة الحديد بين إنجلترا وفرنسا، ومبنى الإمباير ستات وقناة بنما وغيرها. وقد أعد مغامر آخر مثل هذا السويسري قائمة سياحية عام 2005، ووضع الهرم الأكبر كأهم موقع سياحي، يليه سور الصين العظيم، وضريح تاج محل وغيرها من المواقع السياحية الهامة. وهناك أيضاً عجائب طبيعية أعدتها شبكة الـ CNN عام 1997 واختاروا من ضمن السبع عجائب الأخدود العظيم بأميركا الوسطى، وجبل إيفرست، وبركان باركيتين، وشلالات فكتوريا، وعجائب أخرى تحت الماء كأخاديد أعماق البحار، وجزر جالاباجوس بالمحيط الهندي وغيرها.

وجاء هذا السويسري برنارد ويبر ليعلن عن رئاسته لمؤسسة باسم New Open World Co-Operation لاختيار عجائب الدنيا السبع الجديدة من ضمن 2000 أثر تمت تصفيتها إلى 21 أثرا، ودعا العامة للتصويت عليها، وبالطبع فسوف يقوم هؤلاء باختيار أشياء مثل برج إيفل، وتمثال الحرية وغيرهما، وليس لنا أن نلومهم على ذلك لأن هؤلاء ليسوا على دراية سواء بالتاريخ أو الحضارات القديمة، ولا توجد عندهم مقاييس معينة لتحديد ما يمكن أن يطلق عليه عجيبة من عجائب الدنيا. وقد قالت مدام ريفرييه مديرة إدارة الثقافة باليونيسكو إن هذا المشروع يجب إهماله وعدم إعطائه أية شرعية، وأرسل إلىّ لويس موزيال رئيس مؤسسة الأغا خان الثقافية يقول: «للأسف أن مصر هي الدولة الوحيدة التي عملت دعاية لهذا المشروع، وأن السيد برنارد ويبر ليست لديه أية خبرة أو خلفية حول التراث الثقافي ...». وأجمل ما في خطابه هو قوله: «إننا سوف نضحك كثيراً على عجائب الدنيا السبع الجديدة، ذلك المشروع السخيف ومبدعه السيد ويبر». لقد آلم هذا المشروع هؤلاء الذين يعتدون بالتراث الثقافي ويقدرون قيمته. ونؤكد أن هذا التصويت وما سيسفر عنه من اختيار عجائب الدنيا السبع سوف يذهب إلى مزبلة التاريخ.

www. guardians.net/hawass